رغم قلق الاوساط الاقتصادية الروسية من تداعيات وآثار الأزمة المالية الأوروبية، لكن موسكو لن تقدم دعما ماليا مباشرا لصندوق الاستقرار المالي الأوروبي.
فقد أعلن اركادي دفوركوفيتش مساعد الرئيس الروسي ان الكرملين يعتبر العمل عبر صندوق النقد الدولي هو السبيل الملائم لمساهماته في الجهود المبذولة لتجاوز هذه الأزمة.
واضاف أن الأمر يتطلب أن تتوصل الدول الأوروبية لبرنامج محدد ومفهوم لتسوية الأزمة، حتى تتمكن بقية الأطراف وخاصة روسيا من بحث نوعية وحجم المساعدات التي يمكن تقديمها.
وتساءل مساعد الرئيس الروسي عن حقيقة توفر الدعم المالي المطلوب لدى الأوروبيين، واللازم لزيادة ارصدة صندوق الاستقرار المالي الأوروبي، داعيا للتريث لحين اتضاح الرؤية حول أمكانية تنفيذ قرار الاتحاد الأوروبي بزيادة هذه الأرصدة إلى تريليون يورو.
واضاف انه لا تتوفر لدى موسكو اي معطيات للتفكير في تقديم مساعدات حتى الآن. وكشف دفوركوفيتش أن روسيا لن يزيد حجم مساعداتها عن 3 بالمائة من التمويل الإضافي لصندوق النقد الدولي، اي لن تتجاوز أكثر من 10 مليارات دولار، مؤكدا أن بلاده لا تنوي زيادة حصتها في صندوق النقد الدولي، التي تشكل 2.8 بالمائة من راس مال الصندوق.
ورغم أن الاقتصاد الروسي سيواجه مصاعب حقيقة مع تعمق الأزمة الأوروبية، لكن الأثر السلبي لهذه الأزمة سيقتصر على البنوك الروسية الخاصة التي حصلت على قروض كبيرة من البنوك والمؤسسات المالية الأوروبية. اما القطاع الحكومي فغالبا لن يعاني من تداعيات هذه الأزمة.
واعربت الكسندرا يفتيفييفا أحد خبراء بنك “في تي بي كابيتال” الروسي عن قناعتها بأن تأثر هذه الأزمة على القطاع الحكومي سيكون غير ملحوظ باعتبار أن حجم الاستثمارات الحكومية الروسية في الأنشطة المالية باليورو متواضع للغاية، إذ توظف روسيا أموالها بشكل أساسي في سندات الخزينة الأميركية.
واعتبرت الباحثة الروسية أن حرص البنك المركزي الروسي علي مواصلة شراء الذهب يضمن توفير أدوات التأمين من مخاطر الأزمة الأوروبية. واعربت يفتيفييفا عن قناعتها بأن ربيع الثورات العربية الذي تسبب في رفع اسعار النفط، خاصة بعد أن فقدت الأسواق العالمية نحو 1.3 مليون برميل عقب اندلاع الثورة الليبية، يمكن أن يشكل ضمان لحماية الاقتصاد الروسي من مخاطر الأزمة الأوروبية. ما يعني أن ميزانية روسيا لن تتأثر بتداعيات هذه الأزمة نتيجة لزيادة عائدات الخزينة الحكومية من صادرات النفط الذي يعتبر الممول الأساسي للميزانية.
التداعيات غير مستبعدة على روسيا
فريق آخر من الباحثين يرى أن عدم اهتمام موسكو بتقديم مساعدات للاتحاد الأوروبي، يرتبط وبشكل مباشر بظهور ملامح أزمة يمكن أن يعاني منها الاقتصاد الروسي صيف العام القادم. حيث رصدت مراكز الأبحاث الروسية تراجع معدلات النمو الاقتصادي خلال الربع الثالث من هذا العام بنسبة وصلت إلى 1 بالمائة، مقابل ارتفاع معدلات التضخم.
وقد حذر وزير المال السابق الكسي كودرين من اصرار الكرملين والحكومة على اتباع منهج ضار في أدارة مجالات النشاط الاقتصادي، وتوزيع عائدات الخزينة الحكومية، معتبرا أن الوقت اصبح غير كافيا لتعديل هذا المنهج وتوفير الآليات اللازمة لتجنب أزمة اقتصادية ستؤدي لزيادة العجز في موازنات الأعوام القادمة بشكل متسارع. واعتبر كودرين أن التحدي الأساسي الذي يهدد الوضع في روسيا يتمثل في أزمة منطقة اليورو، التي يمكن أن تنمو إلى أزمة استحقاقات ديون سيادية، يمكنها أن تشل السوق الائتمانية وتغلقها.
وطالب بضرورة إعادة النظر في رفع النفقات العسكرية الخاصة بالتسليح وبرواتب العسكريين، بهدف تقليص نفقات الميزانية بنسبة 2.5 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، أي بمبلغ 1.35 تريليون روبل، الذي يساوي مجموع ما رصد في الموازنة الحكومية للتعليم والصحة والثقافة. وطالب وزير المال السابق الحكومة الروسية بتقييم مخاطر الموجة الجديدة للأزمة بشكل موضوعي، على أن تلجأ لتدابير قصيرة ومتوسطة الأجل من أجل تفادي تفاقم الأزمة في روسيا.
واضاف كودرين انه على روسيا أن تعتمد خطة، تضمن لها موازنة حكومية دون عجز، يتم تحديد بنودها على اساس سعر النفط 90 دولارا للبرميل الواحد بحلول عام 2015.لكنه لم يستبعد أمكانية أن يصل العجز في الميزانية الحكومية إلى 1.5 بالمائة من حجم الناتج المحلي الإجمالي في حال بقاء سعر النفط على مستوى 100 دولار للبرميل، وفق ما تم التخطيط له للعام 2012.
وحذر من تزايد العجز إلى 5.5 بالمائة إذا هبط سعر النفط إلى 60 دولاراً ما يعني أن الحفاظ على المستوى المبرمج للنفقات سيستهلك كل ارصدة من صندوق الاحتياطي الروسي خلال سنة واحدة.
المصدر : العربية.نت