زاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعةغير مصنف

حوار مبسط في أدلة دعوة السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي عليه السلام ــ الحلقة الرابعة

أمّا السفياني، فهو رمز لجهة الباطل التي تقف ضد اليماني وتحاربه، ويشمل عدّة أشخاص، وليس شخصاً واحداً، وهذا ما نجده في روايات أهل البيت (ع)، وسأنقل لكم بعضاً من هذه الروايات:

الرواية الأولى: روي عن الباقر (ع) في وصف متابعة الزحف المقدّس للإمام المهدي(ع): (ثم يسير ـــ أي القائم ـــ حتى يأتي العذراء، هو ومن معه وقد الحق به ناس كثير، والسفياني يومئذٍ بوادي الرملة. حتى إذا التقوا يخرج أناس كانوا مع السفياني من شيعة آل محمد، ويخرج أناس كانوا مع آل محمد إلى السفياني فهم من شيعته حتى يلتقوا بهم، ويخرج كل أناس إلى رايتهم، وهو يوم الأبدال. ويقتل يومئذٍ السفياني ومن معه حتى لا يدرك منهم مخبر. والخائب يومئذٍ من خاب من غنيمة كلب. ثم يقبل إلى الكوفة فيكون منزله فيها )([1]).

الرواية الثانية: في كلام للمفضل مع الإمام الصادق (ع) قال المفضل: ثم ماذا يفعل المهدي سيدي؟ فقال (ع): (يثور سرايا على السفياني إلى دمشق، فيأخذونه ويذبحونه على الصخرة …) ([2])

الأب: ماذا فهمتهم من هاتين الروايتين؟

محمود: فهمت منهما أنّ السفياني يقتل في دمشق الشام.

الأب: أحسنت يا محمود؟ وسأنقل لكم الرواية الثالثة.

الرواية الثالثة: عن أبي جعفر (ع): (ثم يدخل ـــ أي القائم (ع) ـــ الكوفة فلا يبقى مؤمن إلاّ كان فيها … ، ثم يقول لأصحابه سيروا إلى هذا الطاغية، فيدعو إلى كتاب الله وسنة نبيه  (ص)، فيعطيه السفياني من البيعة سلماً، فيقول له كلب وهم أخواله: ما هذا؟ ما صنعت؟ والله ما نبايعك على هذا أبداً فيقول ما أصنع؟ فيقولون استقبله فيستقبله ثم يقول له القائم صلوات الله عليه: خذ حذرك … فيمنحهم الله أكتافهم ويأخذ السفياني أسيراً فينطلق به ويذبحه بيده …) ([3]).

الأب: ماذا فهمتم من هذه الرواية؟

واثق: فهمت أنّ السفياني في الكوفة.

الأب: أحسنت يا واثق. وهذا معناه أنّه عندنا أثنين من السفيانيين، أحدهما يقتل في دمشق والآخر يقتل في الكوفة.

وسأنقل لكم رواية رابعة.

الرواية الرابعة: عن أبي جعفر (ع): (إذا بلغ السفياني أنّ القائم قد توجّه إليه من ناحية الكوفة، فيتجرّد بخيله حتى يلقى القائم (ع)، فيخرج فيقول اخرجوا لي ابن عمي …)([4]).

الأب: ماذا تفهمون من هذه الرواية يا أبنائي؟

أحمد: أبي إنّ هذه الرواية تقول إنّ السفياني ابن عم القائم (ع)، وهذا معناه أنّ السفياني هاشمي. 

الأب: نعم أحسنت يا أحمد. وسأنقل لكم الرواية الخامسة.

الرواية الخامسة: وعن حذلم بن بشير قال: قلت لعلي بن الحسين (ع): صف لي خروج المهدي (ع)، وعرفني دلائله وعلاماته فقال: (يكون قبل خروجه خروج رجل يقال له عوف السلمي بأرض الجزيرة، ويكون مأواه تكريت، وقتله بمسجد دمشق، ثم يكون خروج شعيب بن صالح من سمرقند، ثم يخرج السفياني الملعون من الوادي اليابس، وهو من ولد عتبة بن أبي سفيان، فإذا ظهر السفياني اختفى المهدي (ع)، ثم يخرج بعد ذلك) ([5]).

الأب: ماذا تفهمون يا أبنائي في هذه الرواية؟

واثق: الواضح من الرواية أنّ السفياني من ولد عتبة ابن أبي سفيان، وليس هاشمي، أي ابن عم القائم (ع) كما مرّ في الرواية الرابعة.

الأب: نعم أحسنت يا ولدي.

محمود: لكن يا أبي لفت نظري شيء في الرواية، وهو قوله (ع): (اختفى المهدي (ع))، فكيف يختفي المهدي (ع) والحال أنّ السفياني من علامات ظهور الإمام المهدي (ع)، ومقتضى ذلك أن يكون السفياني قبل الإمام المهدي (ع)، بينما الظاهر من هذه الرواية أنّ المهدي (ع) ظاهراً قبل السفياني ومن ثم يختفي عند ظهور السفياني، لأنّ الرواية تقول: (إذا ظهر السفياني اختفى المهدي (ع)).

ثم كيف يكون كذلك والحال أنّ الروايات التي سمعت بها أو قرأتها تؤكدّ أنّ للإمام المهدي(ع) غيبتين، الأولى: هي الغيبة الصغرى، وفيها نوّاب الإمام الأربعة، والثانية: هي الغيبة الكبرى وهي ما زالت موجودة لليوم، والإمام (ع) فيها مخفي ولم يظهر إلاّ الظهور الذي وعد الله به أهل الأرض، وهو الظهور الذي يملأ الله به الأرض قسطاً وعدلاً علي يد الإمام المهدي (ع). ومعنى ذلك أنّ للإمام (ع) غيبتين فقط، لكن ظاهر الرواية التي نقلتها يا أبي أنّ للإمام للمهدي (ع) ثلاث غيبات وليس اثنين؛ لأنّه سيكون خروج للإمام (ع) بعد الغيبة الكبرى وعند ظهو السفياني يختفي، وهذا معناه أنّ له غيبة ثالثة.

الأب: أحسنت يا محمود، وسأجيبك عن هذا السؤال عندما أتعرّض للفظ المهدي (ع) الذي ذكرته لكم قبل قليل. ولكن بشيء موجز أقول لك أن هذه الرواية لا تقصد الإمام محمد ابن الحسن العسكري المهدي (ع)، بل تقصد مهدي آخر سيأتيكم التفصيل حول تحديد شخصيته.

وبعد هذا يا أبنائي الأعزاء الرواية السادسة والسابعة لتقارنوا بينهما.

الرواية السادسة: عن أمير المؤمنين (ع): (وخروج السفياني براية حمراء وأميرها رجل من بني كلب) ([6]).

الرواية السابعة: عن أمير المؤمنين (ع): (وخروج السفياني براية خضراء وصليب من ذهب) ([7]).

فماذا تفهمون من هاتين الروايتين؟

أحمد: يُفهم منهما أنّ السفياني ليس واحد، لأنّ الرواية السادسة تصف رايته بأنها حمراء، والرواية السابعة تصف رايته بأنها خضراء، وهذا معناه أنهما إثنين راية أحدهما تختلف عن راية الآخر.

واثق: لكن يا أبي يوجد احتمال أن تكون الرواية السادسة والسابعة يشيران لشخص واحد.

الأب: وما هو يا ولدي؟

واثق: يحتمل أن كلمة (حمراء) صُحفت وصارت (خضراء)، كما ويحتمل العكس أيضاً.

الأب: التفاته جميلة منك يا واثق، لكن إن جاء هذا الاحتمال في الرواية السادسة والسابعة، لا يأتي في الروايات السابقة.

واثق: نعم يا أبي.

الأب: إذن لنفرض احتمال التصحيف، فتكون هاتان الروايتان تشيران إلى واحد من السفيانيَين، وإن لم نفرض هذا الاحتمال فكل رواية منهما تشير إلى واحد، خصوصاً إذا ضممنا هاتين الروايتين لما تقدم من الروايات السابقة التي تؤكد وجود سفيانيَين وليس سفيانياً واحداً، فهنا يضعف احتمال التصحيف، لكن ما تقدّم يكفي في الإثبات.

واثق: نعم يا أبي.

الأب: وما هي النتيجة مما تقدّم يا أولادي؟

واثق، محمود، أحمد: النتيجة أنّ السفياني أكثر من واحد.

الأب: وهذا ما أردت أن أُبينه لكم يا أبنائي الأعزاء. وسأذكر لكم روايتين صريحتين في كون السفياني متعدداً، بل قد نُصّ على السفياني الثاني،  فقد نقل أبن حماد المروزي: (حدثنا الوليد بن مسلم عن شيخ عن الزهري قال: (في ولاية السفياني الثاني ترى علامة في السماء) ([8]).

وذكر السيد ابن طاووس رحمه الله في كتابه الملاحم والفتن: قال فيما ذكره نعيم: قال حدثنا الحكم بن نافع عن جراح عن أرطأة قال: (في زمان السفياني الثاني تكون الهدّة حتى يظن كل قوم أنّه ضرب ما يليهم)([9]).

وإذا جاز أن يتعدّد إلى أثنين يمكن أن يتعدّد إلى أكثر، مع الأخذ بما قلناه سابقاً من أنّ السفياني يمثل جبهة الباطل التي تقف ضد اليماني، ومن هنا كل من يقف ضد اليماني سيكون سفيانياً، وإن أصبحوا أكثر من إثنين.

إلى هنا يا أبنائي ننهي كلامنا في هذه الليلة، ونلتقي غداً بإذن الله ومشيئته سبحانه، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين.



[1]– بحار الأنوار:ج 52/ص 224.

[2]– الرجعة للاسترآبادي: ص 100

[3]– بشارة الإسلام ص 305

[4]– بشارة الإسلام ص 335

[5]– غيبة الطوسي: ص294 .

[6]– بحار الأنوار:ج52/ص272. وبني كلب هي إحدى قبائل العرب.

[7]– بحار الأنوار: ج53/ص 81.

[8]– كتاب الفتن لنعيم بن حماد المروزي: ص 205.

[9]– الملاحم والفتن لابن طاووس: ص50.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى