زاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعةغير مصنف

حوار مبسط في أدلة دعوة السيد أحمد الحسن وصي ورسول الإمام المهدي عليه السلام ــ الحلقة الثالثة

توضيح لفظي اليماني والسفياني –ج2

واثق: نعم يا أبي. لكن المفهوم عرفاً من لفظ اليماني أنّه من اليمن، فكيف يكون من البصرة كما سمعت منك في بعض حديثك معنا؟ للبحث تكملة.

الأب: لو سلمت معك يا واثق أن المفهوم عرفاً ذلك، لكن إذا جاء النص وفسر اللفظ بخلاف المفهوم العرفي هل نأخذ به أم لا؟

واثق: نأخذ به يا والدي، إذ المدار هو النص.

الأب: التفت يا ولدي، هناك خلاف بين السنة والشيعة في مسألة خمس الغنيمة، فقال السنة الغنيمة هي ما حازه العسكر في الحرب، إذ هذا هو المفهوم عرفاً من لفظ الغنيمة. لكن الشيعة فسّروا الغنيمة بمطلق الفائدة التي يحصل عليها الإنسان، وجعلوا واحداً من مصاديق لفظ الغنيمة هي غنيمة الحرب.

السؤال: لماذا فسّر الشيعة لفظ الغنيمة بذلك؟

الجواب: هو أنّ أهل البيت  (ع) فسّروا الغنيمة بمطلق الفائدة، ولذا ذهب الشيعة إلى خلاف المفهوم العرفي من لفظ الغنيمة بسبب النص، وفي محل كلامنا كذلك، إذ النص المتقدّم يبيّن المراد فيقول: (ما المهدي إلاّ من قريش وما الخلافة إلاّ فيهم غير أن له أصلاً ونسباً في اليمن).

ففسّر لنا النص بأنّ المهدي من قريش لكن له أصل في اليمن.

واثق: لكن يا أبي بما أننا سمعنا منك أنّ لفظ المهدي يطلق على شخصين، فلعله المقصود هنا الإمام المنتظر المهدي (ع) لا اليماني؟

الأب: لنفرض أنّ المراد بالمهدي هنا الإمام محمد بن الحسن (ع)، لكن الإمام ولد في العراق في مدينة سامراء، فما معنى هذه الرواية إذن؟

فالمهدي محمد بن الحسن (ع) حتى وأن ولد في العراق لكن له أصل في اليمن، وعليه فاليماني يكون كذلك، أي: حتى وأن ولد في العراق لكن يكون له أصل في اليمن، ولهذا سمي يماني.

بل هذا جارٍ في كل الأئمة  (ع) أينما ولدوا فهم يمانيون، لأنّ لهم أصلاً في اليمن.

وهناك نقطة أُريد أن أبينها لكم يا أولادي، وهي أنّ لفظ اليماني يُطلق في الروايات ويراد منه غير اليماني الذي عبر عنه الإمام الباقر(ع) بقوله: (الملتوي عليه من أهل النار)، بل تشير إلى يماني آخر، فاليماني متعدّد، فلفظ اليماني تارة يأتي مطلقاً، ومرّة أُخرى يأتي مضافاً إلى مدينة معينه، فإذا جاء مطلقاً فهو يشير إلى اليماني الذي يكون الملتوي عليه من أهل النار، وإذا جاء مضافاً إلى مدينة معينه فليس المقصود به اليماني الذي يكون الملتوي عليه من أهل النار، بل غيره.

ونعرف ذلك من خلال تشخص شخصية اليماني عندنا من خلال الروايات، فسيأتي أنّ اليماني وصي الإمام المهدي (ع)، وهو المهدي الأول (ع) من المهديين الإثني عشر، كما وسيأتي أنّ أول أنصار الإمام المهدي (ع) من البصرة، وبما أنه سيثبت عندنا من خلال الروايات أنّ اليماني هو أول المؤمنين بحركة الإمام المهدي (ع)،كما تنص على ذلك وصية الرسول  (ص) فسيكون من البصرة وليس من اليمن.

أحمد: لكن يا أبي لماذا سمّي هؤلاء باليماني؟

الأب: نسبة لقائدهم، فالنسبة تارة تكون للوطن فيقال لمن يسكن العراق: عراقي، وتارة تكون النسبة للمهنة فيقال لمن عمله الخبز: خباز، وتارة تكون النسبة للعشيرة فيقال لمن ينتمي إلى بني هاشم: هاشمي، وبما أنّ هؤلاء قائدهم اليماني فنسبوا لقائدهم.

 وسأذكر لكم روايتان بالجمع بينهما يستفاد كون اليماني أكثر من واحد:

الرواية الأولى: روى الطوسي في الغيبة عن محمد بن مسلم: (يخرج قبل السفياني مصري ويماني) ([1]).

وهذا معناه أنّ اليماني يخرج قبل السفياني، لكن اسمعوا الرواية الثانية:

الرواية الثانية: روى الشيخ النعماني في كتابه الغيبة رواية طويلة عن الإمام الباقر(ع) إلى أن قال (…خروج السفياني واليماني والخراساني في سنة واحدة، في شهر واحد، في يوم واحد، نظام كنظام الخرز يتبع بعضه بعضاً فيكون البأس من كل وجه …) ([2]).

فلاحظوا هذه الرواية تقول خروج السفياني واليماني في سنة واحدة في شهر واحد في يوم واحد، فهي تعارض الرواية الأولى التي تقول بخروج مصري ويماني قبل السفياني!

في الحقيقة إنّ المراد باليماني في الرواية الأولى ليس نفسه المراد به في الرواية الثانية، وبهذا يرتفع التعارض بين الروايتين.

وكذا الأمر نفسه يقال بالنسبة لرواية عبيد بن زرارة، قال: ذكر عند أبي عبد الله السفياني، فقال: (أنى يخرج ذلك ولما يخرج كاسر عينيه في صنعاء) ([3]). أي يخرج في صنعاء اليمن، وهو قبل خروج السفياني كما تُبين الرواية([4]).

وقد علّق الشيخ الكوراني على هذه الرواية قائلاً: (ويحتمل أن يكون هذا الذي يظهر قبل السفياني يمانياً ممهداً لليماني الموعود) ([5]).

فتعدد اليماني كما قدّمت لكم يا أبنائي الكرام.



[1]– غيبة الطوسي: ص447

[2]– غيبة النعماني:ص264، بحار الأنوار:52/ص232.

[3]– غيبة النعماني : ص277.

[4]– لم تبين الروايات وجه تسميته بهذا الاسم (كاسر عينه)،كما لم تبين هل أنه يكون مع اليماني أم مع السفياني، وإنما قلت أنه يماني يخرج من صنعاء اليمن باعتبار نسبته إلى مكان الخروج، إلاّ أنّه من غير المعلوم بلحاظ السلوك والفعل فهل يكون في صف اليماني أم يكون في صف السفياني، هذا غير معلوم من خلال الروايات، وعليه فيمكن أن يكون كاسر عينه سفياني بلحاظ سلوكه فيتعدد السفياني، ويمكن أن يكون يماني بلحاظ السلوك والنسبة إلى الأرض التي ينتمي إليها فيتعدد اليماني، نعم قد يحتمل قوياً أنه عدو للسفياني، ويبدو أنه إنما سمي (كاسر عينه)، أي كاسر عيني السفياني لعنه الله، والله أعلم وأحكم.

[5]– عصر الظهور :ص 115.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى