الملحمة الحسينية اخلاق وعبر
الشيخ حسن الجابري
ثورة الحسين (ع) ليست حدثا تاريخيا انتهى كما تنتهي كل الثورات بل هي ثورة اخلاقية تجسدت فيها كل القيم الانسانية التي يحتاجها البشر على مر الازمنة والعصور .
أول مبدأ اخلاقي يجسده الحسين (ع) في ثورة الطف رفضه القاطع لمبايعة يزيد رغم كل المضايقات التي حصلت في مدينة جده رسول الله (ص) ورغم كل المعاناة التي رافقت مسيرته من حصار وعطش ومختلف التحدّيات والتضحيات التي قدمها في كربلاء من مقتل اخوته,ابنائه,انصاره وسبي نسائه واستقبل الموت بعزّة وشموخ و بقي على مبدئه الخالد وهو يردد بكل صبر و صمود لا نظير له:
“الموت أولى من ركوب العار والعار أولى من دخول النار”
فالحسين (ع) يرى ان العار وكل العار في مبايعة الحاكم الظالم المنصب من الناس فهو امر مشين ومستوجب للعار فاختار الموت على ذلك , وبنفس الوقت مبايعة السلطان الجائر وإعانته على ظلمه من موجبات دخول النار .
فأبى الحسين (ع) إلا أن يصمد ضد طغيان يزيد وحكومته رافضا ذلك الحكم الزائف متمسكا بقول الله سبحانه:
“وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا”
فقد قضى الله الامر حينما قال: “وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً” فليس للناس ان تختار حاكما لها او تنصب خليفة باي طريقة كانت سواء بالقهر والقوة ام بالشورى والانتخابات.
وكذلك قضى رسول الله (ص) الامر عندما كتب وصيته ليلة وفاته والتي اعتبرها عاصمة للامة من الظلال وهو يذكر فيها اسماء الخلفاء من بعده فقال:
“يا علي إنه سيكون بعدي اثنا عشر إماما ومن بعدهم إثنا عشر مهديا ، فأنت يا علي أول الاثني عشر إماما (الى ان قال) “فإذا حضرته الوفاة ( اي الحسن المجتبى) فليسلمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول”
فكان مبدأ الحسين في الدفاع والثورة هو تثبيت حاكمية الله الذي انتهكته الامة الاسلامية سواء بالشورى والانتخاب كما حصل بعد شهادة رسول الله (ص) أم بالقهر والقوة كما حصل في زمن معاوية ويزيد .
وهذا هو الاصلاح الذي ركز عليه الحسين (ع) في ثورته:
“إني لم أخرج أشراً ولا بطراً وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي”