بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيراً
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر.
و سأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) و اترك الحكم للقاريء الكريم.
الحلقة الرابعة عشرة
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ) (الفتح:10)
و كما تعودنا نبدأ اولاً بما جاء في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي
قوله تعالى: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) إلى آخر الآية. البيعة نوع من الميثاق ببذل الطاعة قال في المفردات: وبايع السلطان إذا تضمن بذل الطاعة له بما رضخ له انتهى، والكلمة مأخوذة من البيع بمعناه المعروف فقد كان من دأبهم أنهم إذا أرادوا إنجاز البيع أعطى البايع يده للمشتري فكأنهم كانوا يمثلون بذلك نقل الملك بنقل التصرفات التي يتحقق معظمها باليد إلى المشتري بالتصفيق، وبذلك سمي التصفيق عند بذل الطاعة بيعة ومبايعة، وحقيقة معناه إعطاء المبايع يده للسلطان مثلا ليعمل به ما يشاء.
فقوله: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله) تنزيل بيعته صلى الله عليه وآله وسلم منزلة بيعته تعالى بدعوى أنها هي فما يواجهونه صلى الله عليه وآله وسلم به من بذل الطاعة لا يواجهون به إلا الله سبحانه لان طاعته طاعة الله ثم قرره زيادة تقرير وتأكيد بقوله: (يد الله فوق أيديهم) حيث جعل يده صلى الله عليه وآله وسلم يد الله كما جعل رميه صلى الله عليه وآله وسلم رمي نفسه في قوله: (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى) الأنفال: 17.
وفي نسبة ما له صلى الله عليه وآله وسلم من الشأن إلى نفسه تعالى آيات كثيرة كقوله تعالى: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) النساء: 80، وقوله: (فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون الانعام: 33، وقوله: ليس لك من الامر شئ) آل عمران: 128.
ثم ينقل السيد الطباطبائي روايات تخص هذا المضمون حيث يقول:
(بحث روائي)
في الدر المنثور أخرج ابن عدي وابن مردويه والخطيب وابن عساكر في تاريخه عن جابر بن عبد الله قال: لما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هذه الآية (وتعزروه) قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأصحابه: ما ذاك؟ قالوا: الله ورسوله أعلم قال: لتنصروه. وفي العيون بإسناده عن عبد السلام بن صالح الهروي قال: قلت لعلي بن موسى الرضا عليه السلام: يا بن رسول الله ما تقول في الحديث الذي يرويه أهل الحديث: أن المؤمنين يزورون ربهم من منازلهم في الجنة؟ فقال: يا أبا الصلت إن الله تعالى فضل نبيه محمدا على جميع خلقه من النبيين والملائكة، وجعل طاعته طاعته، ومبايعته مبايعته، وزيارته في الدنيا والآخرة زيارته، فقال عز وجل: (من يطع الرسول فقد أطاع الله) وقال: (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم) وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: من زارني في حياتي أو بعد موتي فقد زار الله.
ودرجته في الجنة أعلى الدرجات، ومن زاره في درجته في الجنة من منزله فقد زار الله تبارك وتعالى.
وفي إرشاد المفيد في حديث بيعة الرضا عليه السلام قال: وجلس المأمون ووضع للرضا عليه السلام وسادتين عظيمتين حتى لحق بمجلسه وفرشه، وأجلس الرضا عليه السلام في الحضرة وعليه عمامة وسيف. ثم أمر ابنه العباس بن المأمون إن يبايع له في أول الناس فرفع الرضا عليه السلام يده فتلقى بها وجهه وببطنها وجوههم فقال له المأمون: ابسط يدك للبيعة فقال الرضا عليه السلام: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هكذا كان يبايع فبايعه الناس ويده فوق أيديهم.
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 18 ص 274.
أما الشيخ الطوسي رحمه الله فيقول:
” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ”
فالمراد بالبيعة المذكورة – ههنا – بيعة الحديبية، وهي بيعة الرضوان – في قول قتادة ومجاهد – والمبايعة معاقدة على السمع والطاعة، كالمعاقدة في البيع والشراء بما قد مضي فلا يجوز الرجوع فيه. وقيل: إنها معاقدة على بيع أنفسهم بالجنة للزومهم في الحرب النصرة. وقوله ” يد الله فوق أيديهم ” قيل في معناه قولان: أحدهما – عقد الله في هذه البيعة فوق عقدهم لأنهم بايعوا الله ببيعة نبيه صلى الله عليه وآله والآخر – قوة الله في نصرة نبيه صلى الله عليه وآله فوق نصرتهم. وقيل يد الله في هدايتهم، فوق أيديهم بالطاعة.
تفسير التبيان – الشيخ الطوسي ج 9 ص 319.
ومما ورد في كتب أهل السنة فننقل ما جاء في تفسير ابن كثير
ثم قال عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم تشريفا له وتعظيما وتكريما ” إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله ” كقوله جل وعلا ” من يطع الرسول فقد أطاع الله ” ” يد الله فوق أيديهم ” أي هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى ” إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم ”
ثم ينقل حديث عن النبي (ص)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من سل سيفه في سبيل الله فقد بايع الله “
تفسير ابن كثير ج 4 ص 199.
اما ما ورد عن الرازي في تفسيره
ثم قال تعالى * (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) *. لما بين أنه مرسل ذكر أن من بايعه فقد بايع الله، وقوله تعالى: * (يد الله فوق أيديهم) * يحتمل وجوها، وذلك أن اليد في الموضعين إما أن تكون بمعنى واحد، وإما أن تكون بمعنيين، فإن قلنا إنها بمعنى واحد، ففيه وجهان أحدهما: * (يد الله) * بمعنى نعمة الله عليهم فوق إحسانهم إلى الله كما قال تعالى: * (بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان) * (الحجرات: 17) وثانيهما: * (يد الله فوق أيديهم) * أي نصرته إياهم أقوى وأعلى من نصرتهم إياه، يقال: اليد لفلان، أي الغلبة والنصرة والقهر.
وأما إن قلنا إنها بمعنيين، فنقول في حق الله تعالى بمعنى الحفظ، وفي حق المبايعين بمعنى الجارحة، واليد كناية عن الحفظ مأخوذ من حال المتبايعين إذا مد كل واحد منهما يده إلى صاحبه في البيع والشراء، وبينهما ثالث متوسط لا يريد أن يتفاسخا العقد من غير إتمام البيع، فيضع يده على يديهما، ويحفظ أيديهما إلى أن يتم العقد، ولا يترك أحدهما يترك يد الآخر، فوضع اليد فوق الأيدي صار سببا للحفظ على البيعة، فقال تعالى: * (يد الله فوق أيديهم) * يحفظهم على البيعة كما يحفظ ذلك المتوسط أيدي المتبايعين.
تفسير الرازي ج 28 ص 87.
اما ما فسره يماني آل محمد (ص) في المتشابهات
س/ ما معنى قوله تعالى:-
(إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) (الفتح:10)
ج/ محمد (ص) هو يد الله، وفي الحديث القدسي ما معناه (لا يزال عبدي يتقرب الي بالفرائض حتى يكون يدي وعيني …) فالحجة على أهل الأرض هو يد الله وعين الله في خلقه، وفي دعاء السمات (وظهورك في جبل فاران) أي ظهور الله في مكة بمحمد (ص).
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 3