بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيراً
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر.
و سأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) و اترك الحكم للقاريء الكريم.
الحلقة الثالثة عشرة
( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (التكاثر:8)
نبدأ اولاً بما جاء في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي
قوله تعالى: (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم)
ظاهر السياق أن هذا الخطاب وكذلك الخطابات المتقدمة في السورة للناس بما أن فيهم من اشتغل بنعمة ربه عن ربه فأنساه التكاثر فيها عن ذكر الله، وما في السورة من التوبيخ والتهديد متوجه إلى عامة الناس ظاهرا واقع على طائفة خاصة منهم حقيقة وهم الذين ألهاهم التكاثر. وكذا ظاهر السياق أن المراد بالنعيم مطلقه وهو كل ما يصدق عليه أنه نعمة فالانسان مسؤول عن كل نعمة أنعم الله بها عليه……..
ثم يقول السيد الطباطبائي:
فاستعمال هذه النعم على نحو يرتضيه الله وينتهي بالانسان إلى غايته المطلوبة هو الطريق إلى بلوغ الغاية وهو الطاعة، واستعمالها بالجمود عليها ونسيان ما وراءها غي وضلال وانقطاع عن الغاية وهو المعصية، وقد قضى سبحانه قضاء لا يرد ولا يبدل أن يرجع الانسان إليه فيسأله عن عمله فيحاسبه ويجزيه، وعمله هو استعماله للنعم الإلهية قال تعالى: ” وأن ليس للانسان إلا ما سعى وأن سعيه سوف يرى ثم يجزاه الجزاء الأوفى وأن إلى ربك المنتهى ” النجم: 42، فالسؤال عن عمل العبد سؤال عن النعيم كيف استعمله أشكر النعمة أم كفر بها.
( بحث روائي )
في المجمع، قيل: نزلت في اليهود قالوا: نحن أكثر من بني فلان، وبنو فلان أكثر من بني فلان ألهاهم ذلك حتى ماتوا ضلالا عن قتادة. وقيل: نزلت في فخذ من الأنصار تفاخروا عن أبي بريدة، وقيل: نزلت في حيين من قريش: بني عبد مناف بن قصي وبني سهم بن عمر وتكاثروا وعدوا أشرافهم فكثرهم بنو عبد مناف. ثم قالوا: نعد موتانا حتى زاروا القبور فعدوهم وقالوا: هذا قبر فلان وهذا قبر فلان فكثرهم بنو سهم لأنهم كانوا أكثر عددا في الجاهلية. عن مقاتل والكلبي. وفي تفسير البرهان عن البرقي عن أبيه عن ابن أبي عمير عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله عليه السلام في قوله تعالى: ” لو تعلمون علم اليقين ” قال: المعاينة. أقول: الرواية تؤيد ما قدمناه من المعنى.
وفي تفسير القمي باسناده عن جميل عن أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ” لتسألن يومئذ عن النعيم ” قال: تسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها برسوله ثم بأهل بيته. وفي الكافي بإسناده عن أبي خالد الكابلي قال: دخلت على أبي جعفر عليه السلام فدعا بالغذاء فأكلت معه طعاما ما أكلت طعاما أطيب منه قط ولا ألطف فلما فرغنا من الطعام قال: يا أبا خالد كيف رأيت طعامك؟ أو قال: طعامنا؟ قلت: جعلت فداك ما أكلت طعاما أطيب منه قط ولا أنظف ولكن ذكرت الآية التي في كتاب الله عز وجل ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ” فقال أبو جعفر عليه السلام: إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق.
وفيه بإسناده عن أبي حمزة قال: كنا عند أبي عبد الله عليه السلام جماعة فدعا بطعام ما لنا عهد بمثله لذاذة وطيبا وأتينا بتمر تنظر فيه أوجهنا من صفائه وحسنه فقال رجل: لتسألن عن هذا النعيم الذي تنعمتم به عند ابن رسول الله فقال أبو عبد الله عليه السلام إن الله عز وجل أكرم وأجل أن يطعم طعاما فيسوغكموه ثم نسألكم عنه إنما يسألكم عما أنعم عليكم بمحمد وآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
أقول: وهذا المعنى مروي عن أئمة أهل البيت عليهم السلام بطرق أخرى وعبارات مختلفة وفي بعضها أن النعيم ولايتنا أهل البيت، ويؤل المعنى إلى ما قدمناه من عموم النعيم لكل نعمة أنعم الله بها بما أنها نعمة.
بيان ذلك أن هذه النعم لو سئل عن شئ منها فليست يسأل عنها بما أنها لحم أو خبز أو تمر أو ماء بارد أو أنها سمع أو بصر أو يد أو رجل مثلا وإنما يسأل عنها بما أنها نعمة خلقها الله للانسان وأوقعها في طريق كماله والحصول على التقرب العبودي كما تقدمت الإشارة إليه وندبه إلى أن يستعملها شكرا لا كفرا.
فالمسؤول عنها هي النعمة بما أنها نعمة، ومن المعلوم ان الدال على نعيمية النعيم وكيفية استعماله شكرا والمبين لذلك كله هو الدين الذي جاء به النبي صلى الله عليه وآله وسلم ونصب لبيانه الأئمة من أهل بيته فالسؤال عن النعيم مرجعه السؤال عن العمل بالدين في كل حركة وسكون ومن المعلوم أيضا أن السؤال عن النعيم الذي هو الدين سؤال عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة من بعده الذين افترض الله طاعتهم وأوجب اتباعهم في السلوك إلى الله الذي طريقه استعمال النعم كما بينه الرسول والأئمة.
وإلى كون السؤال عن النعيم سؤالا عن الدين يشير ما في رواية أبي خالد من قوله: ” إنما يسألكم عما أنتم عليه من الحق “. وإلى كونه سؤالا عن النعيم الذي هو النبي وأهل بيته يشير ما في روايتي جميل وأبي حمزة السابقتين من قوله: ” يسأل هذه الأمة عما أنعم الله عليها برسوله ثم بأهل بيته ” أو ما في معناه، وفي بعض الروايات: ” النعيم هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنعم الله به على أهل العالم فاستنقذهم من الضلالة “، وفي بعضها أن النعيم ولايتنا أهل البيت، والمال واحد ومن ولاية أهل البيت افتراض طاعتهم واتباعهم فيما يسلكونه من طريق العبودية.
وفي المجمع، وقيل: النعيم الصحة والفراغ عن عكرمة، ويعضده ما رواه ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ. وفيه، وقيل: هو يعني النعيم الامن والصحة عن عبد الله بن مسعود ومجاهد، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
أقول: وفي روايات أخرى من طرق أهل السنة أن النعيم هو التمر والماء البارد وفي بعضها غيرهما، وينبغي أن يحمل الجميع على إيراد المثال. وفي الحديث النبوي من طرقهم أيضا، ثلاث لا يسأل عنها العبد: خرقة يواري بها عورته أو كسرة يسد بها جوعته أو بيت يكنه من الحر والبرد. الحديث، وينبغي أن يحمل على خفة الحساب في الضروريات ونفي المناقشة فيه والله أعلم.
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 20 ص 352 و ما بعدها.
جاء في معنى النعيم بحسب ما ورد من كتب أبناء السنة
النعيم: المأكول والمشروب والملبوس، وقيل الصحة والأمان، وقيل هي ملذات الدنيا وما يشبهها من نعم.
اما ما جاء في تفسير ابن كثير من ابناء السنة
قال لما نزلت هذه الآية ” ثم لتسألن يومئذ عن النعيم ”
قال الصحابة يا رسول الله أي نعيم نحن فيه وإنما نأكل في أنصاف بطوننا خبز الشعير؟ فأوحى الله إلى نبيه صلى الله عليه وسلم: قل لهم أليس تحتذون النعال وتشربون الماء البارد؟ فهذا من النعيم وقال ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا إبراهيم بن موسى أخبرنا محمد بن سليمان بن الأصبهاني عن ابن أبي ليلى أظنه عن عامر عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله ” ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ” قال ” الامن والصحة ” وقال زيد بن أسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ” يعني شبع البطون وبارد الشراب وظلال المساكن واعتدال الخلق ولذة النوم ورواه ابن أبي حاتم بإسناده المتقدم عنه في أول السورة. وقال سعيد بن جبير حتى عن شربة عسل. وقال مجاهد: عن كل لذة من لذات الدنيا وقال الحسن البصري من النعيم الغداء والعشاء وقال أبو قلابة: من النعيم أكل السمن والعسل بالخبز النقي وقول مجاهد أشمل هذه الأقوال وقال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس ” ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم ” قال النعيم صحة الأبدان والاسماع والابصار يسأل الله العباد فيما استعملوها وهو أعلم بذلك منهم وهو قوله تعالى ” إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا ” وثبت في صحيح البخاري وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجة من حديث عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ ” ومعنى هذا أنهم مقصرون في شكر هاتين النعمتين لا يقومون بواجبهما ومن لا يقوم بحق ما وجب عليه فهو مغبون. وقال الحافظ أبو بكر البزار حدثنا القاسم بن محمد بن يحيى المروزي حدثنا علي بن الحسين بن شقيق حدثنا أبو حمزة عن ليث عن أبي فزارة عن يزيد بن لأصم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما فوق الازار وظل الحائط وجر الماء فضل يحاسب به العبد يوم القيامة أو يسئل عنه ” ثم قال لا نعرفه إلا بهذا الاسناد.
تفسير ابن كثير ج 4 ص 584 و ما بعدها.
و ننقل لكم ما جاء عن يماني ال محمد (ع) في كتاب المتشابهات
ما معنى ( ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ ) (التكاثر:8)؟.
ج/النعيم هم محمد وآل محمد (ع) كما ورد عنهم (ع).
والسؤال عنهم (ع) يوم القيامة لعظيم شأنهم نسبة إلى من سبقهم من الأنبياء والمرسلين، فالأنبياء والمرسلين ومحمد وآل محمد (ع) أنوار أضاءت الطريق لأممهم، وبهم يعرف طريق الله سبحانه وتعالى، ويميز الحق من الباطل بسيرتهم ونهجهم وحكمتهم وأقوالهم وأعمالهم، ومحمد وآل محمد (ع) نور الله سبحانه وتعالى.
فهم (ع) كالشموس التي أضاءت الطريق لهذه الأمة الإسلامية، ولكن للأسف أعرضت الأمة عنهم، ولم تقتدي بسيرتهم، أما بقية الأنبياء والمرسلين فقد كانوا كالشموع التي أضاءت الطريق لأممهم، ولهذا يهدد الله سبحانه وتعالى بأنه سيسأل هذه الأمة عن محمد وآل محمد (ع).
فالطريق الذي يضاء بالشموع ليس كالطريق الذي يضاء بالشموس، والذي يتيه ويضيع طريقه مع أن هذا الطريق مضاء بالشموس الطالعة الباهرة، أولى بأن يعاتب ويحاسب ثم يعاقب. وسأل أمير المؤمنين علي (ع) من الذين بدلوا نعمة الله كفراً فقال (ع):-
(دعهم لغيهم هم قريش ) بحار الأنوار ج10 ص124
وفي زمان الرسول (ص) قريش: هم الذين يعيشون حول الكعبة في أم القرى مكة. وفي زمان القائم (ع) قريش: هم الذين يعيشون حول ضريح علي (ع) في أم القرى في هذا الزمان وهي النجف، ومن قريش في هذا الزمان بعض علماء الدين، وهم الذين يقدم القائم (ع) خمس مئة منهم فيضرب أعناقهم، ويعيد ذلك ست مرات، كما ورد في الرواية عن أهل البيت (ع) أنظر المصدر بحار الأنوار ج 53.، وورد في الرواية إن القائم (ع) يفتح مدينة النجف كما فتحت مكة عنوة وبالسيف، ويقتل مقاتليها ويقتل القائم في النجف حتى يرضى الله كما ورد في الروايات عنهم (ع).
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 3