أخبار الطبيعة : آيات ونذرزاوية علوم تقنيةشيء من علم السيد أحمد الحسن ع

مدة خلق الأرض

مدة خلق الأرض

سؤال/ 175: قال تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ * وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ * ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ ([1])، لماذا مدة خلق الأرض وأرزاقها أربعة أيام، بينما خلق السماوات في يومين مع أنّ السماوات أعظم؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم

والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على محمد وآل محمد الأئمة والمهديين

قال تعالى: ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَاداً ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾.

خَلق الأرض في يوم، وخَلَق أرزاقها في يوم، فالأرض بما فيها من جمادات في يوم، وما على الأرض من أحياء (نباتات وحيوانات) في يوم.

وقال تعالى: ﴿وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾.

﴿جَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ﴾: وهي الجبال، وهي من ضمن اليوم الأول في العالم الجسماني، أي إنها (الجبال)، تجلت فيها (في الأرض)، من فوقها ( أي من السماء)، وإلا فإن الظاهر على سطح الأرض، أي فوقها من الجبال أقل بكثير من الغائر في باطن الأرض، فأكثر من ثلثي الجبل غائر في باطن الأرض، ولذا عبر عنها (رواسي)، أي هي سبب إرساء الأرض، فكأنها أوتاد للأرض تثبتها ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً﴾ ([2])، أي تثبت سطح الأرض وتمنعه عن الحركة مع حركة باطن الأرض المستمرة، قال تعالى: ﴿وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ﴾ ([3])، أي هي متحركة ولكنها مع حركة الأرض فتمنع سطح الأرض عن الاختلال والانفصال عن باطن الأرض، فتكون حركة الأرض متزنة.

﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾: وهو الماء، البركة النازلة من السماء، وهي من ضمن اليوم الأول في العالم الجسماني، ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُون﴾ ([4]).

﴿وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ﴾: في العالم الجسماني يومان فقط: يوم الأرض والماء، ويوم الأحياء (النبات والحيوان).

وقوله تعالى: ﴿أربعة أيام﴾؛ لأن الرواسي وهي في العالم الجسماني، إنما هي ظهور للسماء الكلية، وهي رواسي الكون.

وقوله تعالى: ﴿من فوقها﴾ أي إنّ السماء تجلت فيها.

﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾: والبركة في العالم الجسماني هي: الماء، وإنما هو ظهور لبركة السماوات الستة، والبركة هي العلم في السماء.

فهذان الأمران: ﴿وجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا﴾ و ﴿وَبَارَكَ فِيهَا﴾ إنما هما يومان للسماء السابعة الكلية، والسماوات الستة المثالية.

﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾ ([5]).

﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ﴾: وهي السماء السابعة الكلية، والسماوات الست المثالية دونها، والسماء الجسمانية (الأرض بمعناها الأوسع، حيث تشمل الشموس والكواكب).

خلق السابعة في يوم، والملكوت في يوم، وسماء الأجسام في يوم، وأوحى في كل سماء أمرها في يوم.

في يوم أوحى أمر السماء السابعة، وفي يوم أوحى أمر السماوات الملكوتية، وفي يوم أوحى أمر الملك.

أي إنها (السماوات والأرضين) تمت في يومين: يوم للخلق، ويوم للأمر.

﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً﴾: وهذا تابع إلى يوم الأرض الأول؛ لأن السماء الدنيا تنقسم إلى سمائين هما: (السماء الأولى المثالية) و (السماء الدنيا الجسمانية)، فهما سماء واحدة من جهة؛ لارتباط السماء الأولى بالعالم الجسماني، ارتباط تدبير مباشر. وسماءان؛ لأن الأولى: ملكوت الأجسام، فكلاهما يعبر عنه بالسماء الدنيا؛ لأن السماء الأولى ملكوت الأجسام، وهما مشتبكان تماماً.

فالأنفس في السماء الأولى، وهي تدبر الأجسام في السماء الدنيا، فهل ترى انفصالاً بين نفس الإنسان وجسمه! وفي نفس الوقت أقول: ألا ترى الاختلاف بين نفس الإنسان وجسمه!

ومما تقدم تعلم أن الأيام ستة، وهي:

السماء السابعة خلقت في يوم، وقوتها (أمرها) في يوم.

والسماوات الستة خلقت في يوم، وقوتها (أمرها) في يوم.

والأرض (ومعها العالم الجسماني) في يوم، وقوتها في يوم.

أو خُلق النور وأمره في يومين، وخُلق المثال (الملكوت) وأمره في يومين، وخلق الملك (الأجسام) وأرزاقها في يومين، ولابد من أن تترتب من العالي إلى السافل؛ لأن الملكوت تجلٍّ وظهور للنور وهكذا …

ويجب ملاحظة أنّ السماء الأولى هي نهاية السماء الدنيا، أي إنّ السماء الدنيا تبدأ في هذا العالم الجسماني، وتنتهي في أول العالم الملكوتي الروحاني، أي إنّ نهايتها حلقة وصل، ونهايتها أو حلقة الوصل هي السماء الأولى، في الزيارة الجامعة: (… وحجج الله على أهل الدنيا والآخرة والأولى …) ([6]).

وفي القرآن: ﴿وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾ ([7]). وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ النَّشْأَةَ الْأُولَى فَلَوْلا تَذَكَّرُونَ﴾ ([8]).

وفي الأولى عالما: الذر والرجعة، وفيها الأنفس، فالله سبحانه وتعالى لم ينظر إلى عالم الأجسام منذ أن خلقه كما قال رسول الله ([9])، إنما محط الاهتمام يبدأ من نهاية عالم الأجسام، وهي نهاية السماء الدنيا، وهذه النهاية هي السماء الأولى.

وقال تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ﴾ ([10]). السبع طرائق هي: (السماوات السبع) من السماء الأولى إلى السماء السابعة، وليست السماء الدنيا الجسمانية منها؛ لأنها ليست فوقنا بل نحن فيها، فهي محيطة بنا وهي (تحتنا وفوقنا وعن كل جهات الأرض)، ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾ ([11])، وسيتبين لك فيما يأتي لِمَ أوردتُ هذه الآية في هذا الموضع.

وهذا يعني أن السماوات إذا عُدَّتْ بهذا التفصيل تكون ثمانياً، وليست سبعاً، وإنما لم تُعد الدنيا الجسمانية؛ لأنها جزء من السماء الدنيا بما فيها من سماء أولى وسماء جسمانية، فإذا ذكرت الأولى أو الدنيا فهي من ضمنها؛ لأنها جزء منها أو تابعة لها.

والسماء الجسمانية مرة تُعد هي (الأرض)، ومرة تُعد هي (السماء الدنيا)؛ لأنها الجانب المرئي منها. وفي السماء الجسمانية الأرض بل كل الأرضين السبع، وفي السابعة (جهنم)، كما أن الجنة في السماء الثانية، أما في الأولى فتوجد (الجنة الأرضية) وهي جنة آدم؛ لأن الأولى كما بينتُ إنما هي جزء من السماء الدنيا، وهي ملكوتها.

عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن الحسين بن ميسر، قال: سألت أبا عبد الله ع عن جنة آدم u، فقال: (جنة من جنان الدنيا تطلع فيها الشمس والقمر ولو كانت من جنان الآخرة ما خرج منها أبداً) ([12]).

﴿وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً﴾: والمصابيح هم الأنبياء والمرسلون والأوصياء يحفظون الذين يتبعونهم من وسوسة الشياطين بالتعاليم والأخلاق الإلهية التي يُعلِّمونها الناس. وظهورهم في السماء الجسمانية بالكواكب والشموس المضيئة، فما أكثر الظلام في السماء، وما أقل النجوم نسبة إلى الجزء المظلم، كما أن في الأرض ما أقل الأنبياء، وما أكثر من خالفهم وحاربهم وتخلف عنهم ولم ينصرهم. فقليل دائماً هم الأنبياء والأوصياء وأنصارهم، كـ (قلة النجوم في السماء الجسمانية).

وفي نهاية حركة الفَلك الأعظم (أقصد قوس النـزول)، وبداية صعوده إلى جهة الآخرة، سيبدأ هذا العالم الجسماني بالتحول إلى جحيم ويستعر، فالذين اختاروا زخرف الأرض عقوبتهم إعادتهم إلى ما اختاروه، وعصوا الله من أجله، أو قل إبقاؤهم فيه؛ لأنه سيكون جهنم المستعرة بإعمالهم وأفعالهم وظلمهم.

والآن تبين لك مناسبة الآية السابقة: ﴿يَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ﴾.

وعند بداية صعود (قوس النزول) يبدأ (عالم الرجعة)، وهو عالم آخر وامتحان آخر لمن محض الإيمان ولمن محض الكفر، وعالم الرجعة يبدأ مع نهاية ملك المهدي الثاني عشر u، وهو القائم الذي يخرج عليه الحسين u ([13]).

أما قوله تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظاً ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ﴾، والتي يظن من يقرؤها أن (ثم) تدل على البَعدية: أي ثم بعد أن خلق الأرض وقدر فيها أقواتها … استوى إلى السماء …

وهي في الحقيقة لا تدل على ذلك، بل معنى (ثم) هنا هو (التوبيخ) بالعطف على مجمل الكلام، وليس على خلق الأرض بالخصوص، أي إنّ العطف على معنى التوبيخ في الآيات المتقدمة، ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ …﴾، فمعناها هنا: (ثم أليس هو الذي استوى إلى السماء … فكيف تكفرون به).

ولاحظ أن في هذه الآية الأخيرة ذكر السماء والأرض، قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾، فإذا كانت الأرض خلقت قبل ذلك، فما معنى أن يخلقها مرة أخرى ﴿ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً﴾؟! بل المراد هنا توضيح الصورة بشكل آخر ومن جهة أخرى، حيث في الآيات السابقة ﴿قُلْ أَإِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ …﴾، تفصيل وذكر للنعم التي أسبغها سبحانه وتعالى، وفي هذه الآيات ﴿ ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ …﴾ بيان لكيفية الخلق أي بيان لهذه الآية: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾.

وهذه المراحل، أي خلق السماء السابعة، ثم السماوات الست، ثم عالم الأجسام، لابد أن يترتب بهذا التسلسل؛ لأنها تعتمد على بعضها، فلا يمكن خلق الست قبل السابعة، لأنها (أي السماوات الست) إنما خلقت من السابعة، ولا يمكن خلق الأجسام دون خلق السماوات الست؛ لأنها خلقت من السماوات الست، بل من الأولى بالخصوص المشتبكة معها (أي مع الأجسام ) ، والأولى هي عالم الذر وهي عالم الرجعة، فمنها دخلنا إلى عالم الأجسام بعد خلقنا في الذر، وسنخرج من عالم الأجسام إليها في عالم الرجعة، وهذا هو قوس النـزول، له ثلاثة أركان، كما أن لقوس الصعود ثلاثة أركان، وبذلك تكون ستة، هي: (درع داود)، ودرع الأنبياء ودرع الأوصياء.

أما الأيام الستة للخلق: فهي ليست أياماً بمعنى مدة زمنية، بل هي مراحل، أي في ست مراحل، وهي ضرورية ولابد منها، فلابد في المرحلة الأولى من خلق النور وأمره، ثم الملكوت وأمره، ثم الأجسام وأقواتها؛ لاعتماد كل مرحلة على المرحلة التي سبقتها. فهذه المراحل الستة حتمية، أي لابد من اليوم الأول (المرحلة الأولى) أن تُخلق السماء السابعة، وفي اليوم الثاني (المرحلة الثانية) يـُخلق أمرها؛ لأن أمرها منها خُلق، فلابد أن يتأخر عنها مرحلة ، ثم يُخلق منها ومن أمرها المثال (الملكوت) السماوات الست إلى الأولى (وهي نهاية السماء الدنيا)، ثم يخلق في الملكوت أمره؛ لأنه منه خلق ، ففي اليوم الثالث الملكوت، وفي الرابع أمره لاعتماد الملكوت على خلق السابعة (اليوم الأول) وأمرها (اليوم الثاني)، فيتحتم خلق الملكوت في المرحلة الثالثة ، ثم أمره في الرابعة؛ لاعتماده عليه ولأنه خلق منه.

وهكذا اليوم الخامس والسادس، أي خلق عالم الأجسام أو الكون الجسماني، أو الأرض (بمعناها الأوسع) حيث تشمل الأرض التي نحن عليها وكل الكواكب والشموس، ثم يخلق فيه قوته؛ لأنه منه خلق. فالنبات من الأرض خلق وعليها ينبت، والحيوان من الأرض خلق وعليها يعيش ويقتات.

وهذه الستة أيام أو الست مراحل حتمية ويحتاجها الخلق بترتيبها، فالداني يحتاج العالي ويفتقر إليه، فالأجسام (الملك) أو عالم الشهادة يفتقر إلى الملكوت، والملكوت يحتاج ويفتقر إلى النور (السابعة الكلية)، أي بعبارة أخرى : إنها جميعاً خلقت في يومين، كما قال تعالى: ﴿ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ * فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا﴾.

لأن خلق السماء السابعة وأمرها في يومين، والبقية منها، بل هي تجليها وظهورها، وما يُقضى في السابعة يحصل في الملكوت، وما يحصل في الملكوت يحصل في الملك، والرؤيا التي تراها وتحصل في الأجسام ما هي إلا أمر حصل في الملكوت، وبعد ذلك حصل في هذا العالم الجسماني.

من كتاب المتشابهات للسيد أحمد الحسن

[1]- فصلت : 9 – 12.

[2]- النبأ : 7.

[3]- النمل : 88.

[4]- الأعراف : 96.

[5]- فصلت : 11 – 12.

[6]- مفاتيح الجنان : ص620.

[7]- القصص : 70.

[8]- الواقعة : 62.

[9]- في تفسير الفاتحة للملا صدرا: قال رسول الله : (إن الله لم ينظر إلى الأجسام منذ خلقها).

[10]- المؤمنون : 17.

[11]- العنكبوت : 54.

[12]- الكافي : ج3 ص247.

[13]- والحديث الذي يشير إليه السيد ع هو هذا : (دخل علي بن أبي حمزة البطائني على أبي الحسن الرضا ع فقال له: (أنت إمام؟ قال: نعم. فقال له: أني سمعت جدك جعفر بن محمد ع يقول: لا يكون الإمام إلا وله عقب. فقال: أنسيت يا شيخ أو تناسيت ؟! ليس هكذا قال جعفر ع ، إنما قال جعفر ع: لا يكون الإمام إلا وله عقب، إلا الإمام الذي يخرج عليه الحسين بن علي ع فانه لا عقب له. فقال له: صدقت جعلت فداك، هكذا سمعت جدك يقول) بحار الانوار : ج25 ص251.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى