بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وال محمد الائمة و المهديين و سلم تسليماً كثيراً
الحلقة الخامسة
( وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) (الشعراء 224-226)
سلسة من حلقات تبين ما ورد في بعض تفاسير المسلمين وما جاء عن قائم ال محمد السيد احمد الحسن ع في تفسير بعض الايات القرآنية المباركة يتبين من خلالها العلم الذي يحمله هذا الرجل الطاهر .
و سأبدأ اولاً بما ورد في كتب التفسير ومن ثم اورد ما جاء عن السيد احمد الحسن (ع) و اترك الحكم للقاريء الكريم .
جاء في تفسير الميزان للسيد محمد حسين الطباطبائي
قوله تعالى : ” والشعراء يتبعهم الغاوون – إلى قوله – لا يفعلون ” جواب عن رمي المشركين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بأنه شاعر، نبه عليه بعد الجواب عن قولهم إن له شيطانا يوحي إليه القرآن.
وهذان أعني قولهم: إن من الجن من يأتيه، وقولهم: إنه شاعر، مما كانوا يكررونه في ألسنتهم بمكة قبل الهجرة يدفعون به الدعوة الحقة، وهذا مما يؤيد نزول هذه الآيات بمكة خلافا لما قيل إنها نزلت بالمدينة.
ثم يقول السيد الطباطبائي: وكيف كان فالغي خلاف الرشد الذي هو إصابة الواقع فالرشيد هو الذي لا يهتم إلا بما هو حق واقع، والغوي هو السالك سبيل الباطل والمخطئ طريق الحق، والغواية مما يختص به صناعة الشعر المبنية على التخييل وتصوير غير الواقع في صورة الواقع ولذلك لا يهتم به إلا الغوي لمشعوف بالتزيينات الخيالية والتصويرات الوهمية الملهية عن الحق الصارفة عن الرشد، ولا يتبع الشعراء الذين يبتني صناعتهم على الغي والغواية إلا الغاوون وذلك قوله تعالى: ” والشعراء يتبعهم الغاوون “.
و قوله : ” ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون ” يقال: هام يهيم هيمانا إذا ذهب على وجهه والمراد بهيمانهم في كل واد استرسالهم في القول من غير أن يقفوا على حد فربما مدحوا الباطل المذموم كما يمدح الحق المحمود و ربما هجوا الجميل كما يهجي القبيح الدميم وربما دعوا إلى الباطل وصرفوا عن الحق وفي ذلك انحراف عن سبيل الفطرة الانسانية المبنية على الرشد الداعية إلى الحق ، وكذا قولهم ما لا يفعلون من العدول عن صراط الفطرة .
وملخص حجة الآيات الثلاث أنه صلى الله عليه وآله وسلم ليس بشاعر لان الشعراء يتبعهم الغاوون لابتناء صناعتهم على الغواية وخلاف الرشد لكن الذين يتبعونه إنما يتبعونه ابتغاء للرشد وإصابة الواقع وطلبا للحق لابتناء ما عنده من الكلام المشتمل على الدعوة على الحق والرشد دون الباطل والغي.
تفسير الميزان – السيد الطباطبائي ج 15 ص 330 و ما بعدها
ويقول الشيخ الطوسي في تفسير التبيان :
وقوله ” والشعراء يتبعهم الغاوون ” قال الحسن: هم الذين يسترقون السمع ويلقونه إلى الكهنة، وقال إنما يأخذون أخبارا عن الوحي ” انهم عن السمع لمعزولون ” أي عن سمع الوحي. وقيل: ان الشعراء المراد به القصاص الذين يكذبون في قصصهم ويقولون ما يخطر ببالهم .
وقوله ” ألم تر انهم في كل واد يهيمون ” أي هم لما يغلب عليهم من الهوى كالهائم على وجهه في كل واد يعن له، وليس هذا من صفة من عليه السكينة والوقار ومن هو موصوف بالحلم والعقل. والمعنى أنهم يخوضون في كل فن من الكلام والمعاني التي يعن لهم ويريدونه. وقال ابن عباس وقتادة: معناه في كل لغو يخوضون: يمدحون ويذمون، يعنون الباطل. وقال الجبائي: معناه يصغون إلى ما يلقيه الشيطان إليهم على جهة الوسوسة لما يدعوهم إليه من الكفر والضلال. وقيل: إنما صار الأغلب على الشعراء الغي باتباع الهوى، لان الذي يتلو الشعر – في الأكثر – العشاق ولذلك يقبح التشبيب. مع أن الشاعر يمدح للصلة ويهجو على جهة الحمية فيدعوه ذلك إلى الكذب، ووصف الانسان بما ليس فيه من الفضائل والرذائل .
وقرأ نافع ” يتبعهم ” بتخفيف التاء من تبعه إذا اقتفى أثره، يقال تبع فلانا إذا سار في أثره واتبعه لحقه. الباقون: بالتشديد من الاتباع، ومعناهما واحد. والآية قيل نزلت في الشعراء الذين هجوا رسول الله صلى الله عليه وآله والمؤمنين، وهي تتناول كل شاعر يكذب في شعره – ذكره الفراء - وقيل: انها نزلت في ابن الزبعري وأمثاله .
ثم اخبر ان هؤلاء الشعراء يقولون ويحثون على أشياء لا يفعلونها هم، وينهون عن أشياء يرتكبونها، ثم استثنى من جملتهم الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا، فاجتنبوا معاصيه، وانتصروا – لنفوسهم في الدين – من الذين ظلموهم. وقيل: أراد الشعراء الذين ردوا على المشركين هجاءهم للمؤمنين ، فانتصروا بذلك للنبي والمؤمنين .
تفسير التبيان – الشيخ الطوسي ج 8 ص 70 و ما بعدها
و جاء في تفسير الرازي
قوله تعالى: (والشعرآء يتبعهم الغاوون * ألم تر أنهم فى كل واد يهيمون * وأنهم يقولون ما لا يفعلون ) .
اعلم أن الكفار لما قالوا: لم لا يجوز أن يقال إن الشياطين تنزل بالقرآن على محمد كما أنهم ينزلون بالكهانة على الكهنة وبالشعر على الشعراء؟ ثم إنه سبحانه فرق بين محمد صلى الله عليه وسلم وبين الكهنة، فذكر ههنا ما يدل على الفرق بينه عليه السلام وبين الشعراء، وذلك هو أن الشعراء يتبعهم الغاوون، أي الضالون، ثم بين تلك الغواية بأمرين : الأول: * ( أنهم في كل واد يهيمون ) * والمراد منه الطرق المختلفة كقولك أنا في واد وأنت في واد، وذلك لأنهم قد يمدحون الشيء بعد أن ذموه وبالعكس، وقد يعظمونه بعد أن استحقروه وبالعكس، وذلك يدل على أنهم لا يطلبون بشعرهم الحق ولا الصدق بخلاف أمر محمد صلى الله عليه وسلم ، فإنه من أول أمره إلى آخره بقي على طريق واحد وهو الدعوة إلى الله تعالى والترغيب في الآخرة والإعراض عن الدنيا الثاني: (أنهم يقولون ما لا يفعلون) وذلك أيضا من علامات الغواة، فإنهم يرغبون في الجود ويرغبون عنه، وينفرون عن البخل ويصرون عليه، ويقدحون في الاس بأدنى شيء صدر عن واحد من أسلافهم، ثم إنهم لا يرتكبون إلا الفواحش، وذلك يدل على الغواية والضلالة.
تفسير الرازي ج 24 ص 175 – 176.
و اما ما جاء عن يماني ال محمد السيد احمد الحسن (ع):
ما معنى قوله تعالى: (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ * أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ * وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) (الشعراء 224-226)
هؤلاء الغاوون هم أنفسهم الغاوون في الآية:- (فَكُبْكِبُوا فِيهَا هُمْ وَالْغَاوُونَ) (الشعراء:94)
وعن هذه الآية قال الصادق (ع): (نزلت في قوم وصفوا عدلاً ثم خالفوه الى غيره)
وهؤلاء الغاوون أو الأتباع الذين يتبعون أئمة الضلال يعرفون الحق ويصفونه. فهم يعرفون عدالة محمد وال محمد (ع) وهؤلاء هم مقلدة العلماء غير العاملين الضالين، وإذا لم يلتفتوا إلى أنفسهم سيؤول بهم الأمر إلى محاربة الإمام المهدي (ع).
وَالشُّعَرَاء يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ:- الشعراء هم: العلماء غير العاملين الضالين، والغاوون هم: مقلدوهم واتباعهم.
أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ:- أي في كل ضلالة وباطل يتكلمون ، وفي كل انحطاط ونزول عن الحق ، والواد هو المنخفض من الأرض ، نظير الباطل لأنه هبوط الى اسفل وسقوط في الهاوية .
وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لَا يَفْعَلُونَ:- هكذا دائماً العلماء غير العاملين تجدهم احرص الناس على الحياة الدنيا يود أحدهم لو يعمر ألف سنة ويحبون الرفاهية والحياة المريحة البعيدة كل البعد عن حياة الأنبياء والمرسلين الذين يدعون انهم يتابعونهم فلا تجدهم يقفون مع الحق او يقاتلون الباطل أو ينفقون على اليتامى والأرامل عن ابي جعفر (ع) قال: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ) في النبوة (وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ) قال في أصلاب النبيين (وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ) قال نزلت في الذين غيروا دين الله بآرائهم وخالفوا أمر الله هل رأيتم شاعراً قط تبعه أحد إنما عنى بذلك الذين وضعوا ديناً بآرائهم فتبعهم الناس على ذلك ويؤكد ذلك قوله (أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ) يعني يناظرون بالأباطيل ويجادلون بالحجج المضلة وفي كل مذهب يذهبون (وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ) قال يعضون الناس ولا يتعضون وينهون عن المنكر ولا ينتهون ويأمرون بالمعروف ولا يعملون وهم الذين غصبوا آل محمد حقهم) تفسير القمي ج2 ص125
المتشابهات – السيد احمد الحسن ع ج 2