الآياتُ أو الكوارثُ الطبيعيةِ، رسائلٌ إلهية
بقلم: نجيب المياحي
تسودُ المجتمع البشري عموماً نظرتين اتجاه ما يحدث على الأرض وفي الكون من زلازل وفيضانات وبراكين وخسوف وكسوف للشمس والقمر وغيرها مما نشهده هذه الأيام وبكثرة وبطريقة مؤثرة جدًّا على حياة الإنسان.
فالنظرة الأولى تتجسد بالنظرة العلمية لما يحدث، والتي تستخدم مصطلح الكوارث الطبيعية. ويعزي أصحاب هذه النظرة المادية العلمية حدوث هذه الكوارث إلى أسباب طبيعية ويقدمون تفسيراً معقولاً لها.
ولكن ما ينقصها أنها لا تشير إلى يد الغيب الإلهي من وراء كل ذلك، وكأنما ما يحدث هو نتيجة طبيعية لخلل ما في تركيبة النظام الأرضي أو الكوني، مما يؤدي بالنتيجة إلى حدوث زلازل وفيضانات وغيرها.
فنجد المختصين في هذه المجالات يركزون على دراسة الأسباب المادية فقط والتي تؤدي إلى هذه الظواهر المدمرة للعمران البشري والمهلكة للإنسان والحيوان والنبات.
فيفسرون حدوث الزلازل بسبب حركة الألواح والصفائح الأرضية وغيرها، ويقول البعض إن الفيضانات هي بسبب تقلبات الحالة الجوية أو الاحتباس الحراري وغيره، وهذا طبعاً يتعارضُ مع الموروث الديني لكل المتدينين على المستوى المسيحي واليهودي والإسلامي.
نعم، الله سبحانه يُجري الأمور بأسبابها الطبيعية كما ورد عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: (أبى الله أن يجري الأشياء إلا بأسباب، فجعل لكل شيء سببا وجعل لكل سبب شرحاً وجعل لكل شرح علماً،…)(1).
لكن هذا لا يعني أنه ليس هناك أسباباً أخرى من وراء ذلك، وهذا ما يطرحه أصحاب النظرة الثانية والتي تتجسد بالنظرة الدينية العلمية.
بعد أن غلب في عصرنا انتشار المصطلحات العلمية المادية وبنيت عليها ثقافة الشعوب الإسلامية مع إهمال شديد لما ورد في النصوص الدينية، يجب علينا إعادة الأمور إلى نصابها الطبيعي، أو على الأقل تذكير الناس بما موجود في الدين الإسلامي المحمدي فيما يخص الآيات التي يرسلها الله سبحانه من زلازل وفيضانات وحرائق وغيرها، لإرجاع الناس إلى الله سبحانه وتنبيههم من غفلتهم.
فقد روي أن الشمس لما خسفت على عهد النبي (ص) خرج إلى الناس مسرعاً يجر رداءه، ثم صلى بالناس حتى انكشفت، ثم خطب بالناس وقال: (إنَّ الشمسَ والقمرَ آيتان من آيات الله لا يَنكَسِفان لموتِ أحدٍ ولا لحياتِه، ولكنهما آيتانِ من آيات اللهِ يخوِّفُ اللهُ بهما عبادَه، فإذا رَأَيْتُمْ ذلك، فصلُّوا وادعُوا حتى ينكشِفَ ما بكم)(2).
الاعتماد الكلي على ما يطرح علمياً دون الإشارة إلى ما جاء في النصوص الدينية وتذكير الناس بها يعد تضييعاً للهدف الحقيقي الذي يريد الله سبحانه إيصاله إلى الناس، فممكن أن يكون هدفها إصلاح بعض النفوس، أو بهدف تحقيق مصلحة معينة للكل أو أسباب أخرى.
في هذه الأيام العصيبة التي تعيشها البشرية، يجب التركيز على الآيات التي يرسلها الله سبحانه للتذكير بالله سبحانه وإرجاع الناس إليه، مثل الفيضانات والزلازل والبراكين والحرائق الهائلة والمدمرة التي تحدث في جميع أنحاء العالم.
يجب على الناس أن يدركوا أن هذه الظواهر الطبيعية ليست مجرد حوادث طبيعية، بل هي رسائل تحذيرية من الله سبحانه إلى الإنسان لكي يرجعوا إلى ربهم قبل فوات الأوان وحلول الطوفان.
(1) الكافي – الشيخ الكليني ج 1 – الصفحة 183
(2) أخرجه البخاري (1059)، ومسلم (912)
598 2 دقائق