قبل عام، بدأت احتجاجات عفوية مناهضة للحكومة في العراق واستمرت عدة أشهر قبل أن تتوقّف، وقد أسفرت عن مقتل نحو 600 شخص وإصابة 30 ألفا بجروح. وبعد تصاعد الغضب الشعبي والتظاهرات اليومية ضد نظام سياسي يعتبره المحتجون فاسدا، بدأت تتلاشى هذه التحركات التي كانت تفتقر إلى قيادة. ثم طغت عليها التوترات بين الولايات المتحدة وإيران والتي كادت أن تتحول إلى صراع مفتوح في العراق.
اندلاع الاحتجاجات
في الأول من تشرين الأول/أكتوبر 2019، استجاب أكثر من ألف شخص لدعوات على وسائل التواصل الاجتماعي في بغداد ومدن الجنوب ذات الأغلبية الشيعية للاحتجاج على الفساد والبطالة وسوء الخدمات العامة. استخدمت شرطة مكافحة الشغب خراطيم المياه والغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي والذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين.
ومع استمرار الاحتجاجات أغلقت السلطات في 2 تشرين الأول/أكتوبر المنطقة الخضراء التي تخضع لحراسة مشددة في بغداد والتي تضم مقرات مؤسسات الدولة العليا والسفارة الأميركية. في 3 تشرين الأول/أكتوبر، تحدى الآلاف قرار حظر التجول في مدن عدة لكن الدبابات وقفت في طريقهم. وقطعت خدمة الإنترنت في معظم أنحاء البلاد. دعا رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر الحكومة إلى الاستقالة. وبعد يومين، أعلن مجلس الوزراء عن توزيع أراض وتوفير رفاه اجتماعي وإصلاحات لمكافحة الفساد.
موجة ثانية
استؤنفت الاحتجاجات في 24 تشرين الأول/أكتوبر، قبل يوم من الذكرى السنوية الأولى لتولى عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء. قُتل ما لا يقل عن 63 شخصا على مدار يومين، معظمهم في جنوب البلاد. في 28 تشرين الأول/أكتوبر، تجمع طلاب وأساتذة وتلاميذ مدارس في بغداد والمدن الجنوبية. طالب المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي العراق بـ”معالجة مسألة انعدام الأمن” وفي الأول من تشرين الثاني/نوفمبر، حذّر آية الله علي السيستاني من التدخل الأجنبي. في 9 تشرين الثاني/نوفمبر، بعد محادثات شارك فيها قائد الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني، اتفق كبار القادة على إبقاء الحكومة. وبعد إضراب واسع النطاق واستمرار التظاهرات، أضرم محتجون في 27 تشرين الثاني/نوفمبر النار في القنصلية الإيرانية في مدينة النجف المقدسة. في اليوم التالي، قتل 46 متظاهرا وأصيب حوالى ألف في أنحاء العراق.
استقالة رئيس الوزراء
في 29 تشرين الثاني/نوفمبر، دعا السيستاني إلى تشكيل حكومة جديدة. في الاول من كانون الأول/ديسمبر، استقال عبد المهدي. في 6 كانون الأول/ديسمبر، دعا السيستاني إلى تعيين رئيس وزراء جديد دون تدخل خارجي. قتل ما لا يقل عن 20 متظاهرا وأربعة عناصر من الشرطة في بغداد عقب مهاجمة مسلّحين مبنى كان متظاهرون مناهضون للحكومة يعتصمون فيه منذ أسابيع. بدأت الاحتجاجات تتصاعد في 22 كانون الأول/ديسمبر. في 3 كانون الثاني/يناير 2020 تم اغتيال سليماني والقيادي الموالي لإيران أبو مهدي المهندس في بغداد بضربة أميركية. وفي وقت لاحق، توقفت الاحتجاجات وسط توتر بين واشنطن وطهران. لكن في 10 كانون الثاني/يناير، احتشد آلاف العراقيين في أنحاء البلاد واستؤنفت الاحتجاجات ل10 أيام. إلا أن قوات الأمن بدأت تفرّق المتظاهرين بالذخيرة الحية.
حكومة جديدة
في الأول من شباط/فبراير، تم اختيار محمد علاوي لتشكيل حكومة جديدة. لكنه اعلن عدم تمكنه من ذلك بعد شهر إذ لم يكتمل النصاب للتصويت على الثقة في البرلمان. في 17 آذار/مارس، تم تكليف المحافظ السابق لمدينة النجف عدنان الزرفي تشكيل حكومة. لكن الزرفي واجه إجماعا سياسيا نادرا ضده وانسحب. في 9 نيسان/ابريل، كلف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي تشكيل حكومة. أدى الكاظمي اليمين الدستورية في أيار/مايو وتعهد بان “القانون سيقتص من كلّ متورط بدم العراقيين”. في 31 تموز/يوليو، حدد الكاظمي موعدا لإجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 6 حزيران/يونيو 2021، أي قبل عام تقريبا من الموعد المحدد.
مونت كارلو الدولية