أخبار العراقخبر عربي وإسلامي

تقرير يكشف دوافع وظروف حملة اغتيالات نشطاء البصرة

نشرت مؤسسة “مبادرة الاصلاح العربي”، الجمعة، ورقة بحثية بشأن الاحتجاجات في العراق والدوافع والظروف التي ادت الى حملة اغتيالات لنشطاء في البصرة بقلم الصحفي ياسين طه محمد.

وجاء في الورقة البحثية المنشورة، اليوم (11 ايلول 2020)، انه منذ احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 التي تدعو إلى الإصلاح ووضع حد للفساد، أصبحت مدينة البصرة العراقية مسرحا لحملة مروعة من الاغتيالات ضد النشطاء. وحتى الآن، لم يحاسب أحد على هذه الجرائم التي نشرت الخوف في صفوف المتظاهرين. تسلط هذه الورقة الضوء على النشطاء وظروف عمليات القتل التي تعرضوا لها، والدوافع المحتملة وراءها في سياق النفوذ الإيراني في العراق، والذكرى السنوية لانتفاضة تشرين والانتخابات المقرر إجراؤها العام المقبل.

تشهد المحافظات الجنوبية في العراق بشكل عام، ومدينة البصرة بشكل خاص، حملة اغتيالات وتصفيات جسدية للناشطين المدنيين والإعلاميين منذ انطلاق الحراك الشبابي المعروف بـ”انتفاضة تشرين” في العام 2019. تركت هذه الاغتيالات تساؤلات بشأن دوافع مرتكبيها والجهات التي تقف خلفها وظروفها والتي تبدو أنها منظمة ومنسقة لا تأبه لردود الأفعال القوية المنددة بها على الصعيد الدولي والداخلي. يُسلط هذا النص الضوء على هذه الظاهرة وتداعياتها.

لا يوجه هذا المقال أي اتهام لأي جهة ممكن أن تكون مضطلعة في موجة الاغتيالات، ولكنه يعرض مختلف الآراء والتفسيرات التي ظهرت إلى العلن تعليقاً على الحالة التي تحولت إلى ظاهرة. فهناك من يقول بأن تصفية النشطاء أتت بحجة أنهم “عملاء” للولايات المتحدة الامريكية، أو لما يشكلون من منافسة جدية للاعبين سياسيين تقليدين في الانتخابات، فيما يرى آخرون أن التصفيات هي عمليات ترهيب مسبقة خوفاً من احتمال عودة الاحتجاجات إلى الشارع.

البصرة: الفساد والاحتجاج عليه

تعد البصرة ثالث أكبر مدينة في جمهورية العراق بعد بغداد ونينوى، وهي تضم أكبر ثروة نفطية في البلاد ما جعلها القلب النابض للاقتصاد العراقي.

بيد أن ملفات الفساد العديدة تتصدر واجهة المشاكل في هذه المدينة، في مقدمتها تهريب النفط ومشتقاته المتنوعة عبر شبكات تهريب محترفة، يقال أن لها ارتباط مباشر بميليشيات مسلحة تتداخل مع المفاصل الرسمية للسلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وترتبط مع أحزاب السلطة “الشيعية” بشكل مباشر أو غير مباشر.

يعود تاريخ انتشار ظاهرة التهريب في البصرة إلى فترة ما بعد سقوط النظام السابق (2003) التي سادت فيها ضعف سلطة القانون وانشغال السلطات الاتحادية بمشاكلها المتراكمة، مما شجع أطرافاً محلية على إدارة عمليات تهريب النفط قبل أن تظهر العصابات المسلحة والأطراف النافذة على الساحة البصرية بقوة، وساهم في ذلك بعد المدينة من المركز بغداد وتنامي نفوذ مجاميع خاصة فيها إذ تشير مصادر متنوعة إلى تغذي أكثر من 40 فصيلا مسلحا ونحو 10 أحزاب سياسية في العراق من الناحية المادية على النفط المهرب من جنوب العراق، حيث تشكل البصرة عاصمة لصناعاته الاستخراجية والتصديرية.  كما ذكرت تسريبات لتقارير رسمية مشاركة 10 أحزاب سياسية في الحكومة بعمليات التهريب عبر موظفين في الدرجات العليا يدينون بالولاء لتلك الأحزاب في وزارات النفط والداخلية والجمارك بمساهمة فصائل مسلحة من خلال مناطق نفوذها.

رغم الإمكانات المادية الهائلة التي تتمتع بها البصرة إلا أنها تعاني الفقر والبطالة وانعدام الخدمات، وتعج شوارعها بأكوام القمامة ومياه الصرف الصحي، وتعيش أحياء كاملة فيها بدون مياه وكهرباء. كما تحولت المدينة إلى حاضنة للفساد والأحزاب والميليشيات المسلحة خلال السنوات الأخيرة.

انطلاقا من هذا الواقع، ورفضا له، شهدت المدينة تظاهرات متتالية على مدى الأعوام المنصرمة احتجاجاً على الفساد المالي والإداري وتدهور الخدمات العامة. شملت الاحتجاجات أيضاً في بعض الأحيان المطالبة بإقالة المحافظ الحالي أسعد العيداني الذي رشحته أحزاب شيعية لمنصب رئيس الوزراء بعد استقالة عادل عبد المهدي.

البصرة وانتفاضة تشرين

شارك الناشطون البصريون وشباب المدينة بقوة في الاحتجاجات التي اندلعت في الشهر العاشر من عام 2019. وأطلقوا تسمية “الثورة العراقية” على هذا الحراك، فيما فضل أقرانهم في النجف وميسان والمثنى تسميته “ثورة الوعي”.

وساند الحراك الجماهيري أطراف بصرية عديدة في مقدمتها حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل والمطالبين بتخصيص وظائف لهم في المؤسسات الحكومية، وقدم المتظاهرون البصريون ضحايا من قتلى وجرحى خلال الاحتجاجات ما دفع بالسلطات إلى التعهد بتوفير 10 آلاف وظيفة لشباب المدينة لتهدأتهم. تخللت الاحتجاجات أيضاً إحراق مباني حكومية عدة إضافة إلى مقر القنصلية الإيرانية. وجهت الاتهامات بافتعالها، إما للمتظاهرين، أو لفاسدين استعجلوا الحرق للتغطية على عقود مبرمة تفضح أعمالها غير القانونية، كما يحدث دوما في حرائق المؤسسات العامة، قبل أن يدخلها المتظاهرون.

التصفيات الجسدية بعد انتفاضة تشرين

شهدت الأوضاع الأمنية التي سادت بعد انتفاضة تشرين تصعيدا خطيرا ضد الناشطين المدنيين والإعلاميين المنخرطين في الحراك الشبابي، أدت هذه الحملة، التي تبدو أنها ممنهجة، إلى اغتيال 9 ناشط وناشطة خلال شهر آب/أغسطس وحده (2020) في كل من محافظات البصرة وميسان وذي قار، وهي محافظات تُعد الحاضنة الأساسية للجنوب العراقي، سبقت هذه الحملة الأخيرة تصفيات جسدية لناشطين بارزين في البصرة ومدن الجنوب، وحتى العاصمة بغداد، وعمليات قتل للمحتجين المدنيين بلغ عددهم 487 شخصاً على الأقل، كما أصيب ما يقرب من 7715 آخرين خلال الاحتجاجات، غالبيتهم من الشبان، أشير بأصابع الاتهام إلى “الميليشيات الإيرانية” أو التابعة لسلطات للمرشد الإيراني بشكل علني من قبل كتاب وأكاديميين عراقيين.

أبرز عمليات التصفية في البصرة:

تحتل محافظة البصرة الصدارة من حيث عدد اغتيالات النشطاء وقتل المتظاهرين، ولم تؤدي التحقيقات الرسمية إلى أي حقيقة حتى الآن. يقول ناشطون إن عمليات القتل هاته منظمة، تقوم بها جهات متنفذة، ومتمرسة على القتل، واكتسبت خبرة واسعة خلال السنوات الماضية، هدفها كتم الأصوات المناهضة لها، أيدهم في هذا الادعاء الممثلة الأممية جانين بلاسخارت خلال إحاطتها المقدمة للأمين العام للأمم المتحدة يوم 26 آب 2020.

ويمكن الإشارة إلى أهم عمليات الاغتيال التي شهدتها البصرة بعد تشرين 2019 على النحو التالي:

حسين عادل وزوجته سارة:

مع انطلاق تظاهرات تشرين (2019) عثر على جثة الفنان الكاريكاتيري حسين عادل المدني وزوجته سارة في منزلهما في منطقة الجنين وسط البصرة بتاريخ 3 تشرين الأول/أكتوبر 2019 بعد أن قتلا عن طريق إطلاق ثلاث رصاصات على الزوج وواحدة في رأس الزوجة من قبل مسلحين لاذوا بالفرار.11 عرفت الناشطة سارة عادل (24 عاما) في تظاهرات البصرة بتقديمها الإسعافات الأولية للمصابين قبل أن تنخرط في صفوف الحركة الاحتجاجية وتقود المسيرات النسائية. أما زوجها فهو الفنان التشكيلي حسين عادل، والمعروف بمشاركته الفعالة في المظاهرات أيضا. وبحسب رواية أصدقائهما المقربين فقد تعرضا مرارا إلى الملاحقة من قبل مسلحين ينتمون إلى فصائل نافذة في البصرة، ما دفعهما للسفر إلى أربيل وتركيا قبل أن يضطرا للعودة إلى البصرة بسبب الظروف المادية الصعبة.

أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي:

أُغتيل أحمد عبد الصمد ومصوره صفاء غالي في سيارتهما عندما كانا يغادران ساحة الاعتصامات وسط مدينة البصرة بواسطة إطلاق النار عليهما من قبل مسلحين مجهولين يوم 10 كانون الثاني/يناير 2020.13 ونشط أحمد عبد الصمد في مجال النشر والبث الناقد بقوة لملفات الفساد ووضع البصرة المتردي في ظل سيطرة الميليشيات والعشائر وانتشار ظاهرة الاتجار بالمخدرات والتجاوز على القانون، وذلك أثناء عمله كمدير مكتب ومراسل لقناة NRT عربية المدنية ما بين 2016 و2018 وبعد ذلك عبر قناة دجلة الممولة من قبل رجل أعمال سني (جمال الكربولي)، لم يكتف عبد الصمد بالظهور في التقارير التلفزيونية المصورة والمباشرة بل كان يلجأ إلى مواقع التواصل الاجتماعي أثناء فترة انتفاضة تشرين وقبلها ومزج بين النشاط المدني والإعلامي ليصبح مصدرا مهما للتعرف على واقع البصرة للمراقبين من خارج المدينة، وفي آخر ظهور له قبل مقتله أنتقد بشدة عبر بث مصور اعتقال المتظاهرين المدنيين وقارن بين ذلك وبين إحجام السلطات عن التحرك تجاه المتظاهرين الموالين للسياسات الإيرانية ضد القنصلية الأميركية واتهم “الطرف الثالث” بشن حملة قمع ضد المتظاهرين، مشدداً على أن قضيته هي قضية وطن في إشارة إلى الشعار الشهير لانتفاضة تشرين.

تحسین أسامة (تحسين الشحماني):

أُغتيل الناشط المدني تحسين أسامة، في البصرة منتصف شهر آب/أغسطس 2020 بعد أن تلقى 32 تهديدا عبر الهاتف وابلغ الجهات الأمنية بذلك بحسب رواية عائلته.كان أسامة والد لـــ 4 أطفال تخرج من اعدادية الصناعة، وعمل في نصب وصيانة أبراج الانترنت في شركة أنشأها وأسماه باسم ابنته (شمس البصرة)، ورغم ذلك نشط كثيراً في الاحتجاجات البصرية منذ بداية انطلاقها وذهب لمحافظات عديدة من أجل المشاركة فيها، ورغم تشكيل لجنة أمنية من أعلى المستويات للكشف عن قتلة الناشط إلا أن الجناة ما زالوا غير مُعلنين حتى تاريخه.

رهام يعقوب:

اغتيلت الطبيبة الناشطة رهام يعقوب (30 عاما)، يوم 19 آب/أغسطس 2020 برصاص مجهولين أثناء تواجدها في سيارتها، بعد العودة من النادي الرياضي الذي تديره، برفقة أختها وصديقتها، بحسب رواية عائلتها. وتظهر مقاطع الفيديو المصورة لنشاطات رهام المنشورة على صفحاتها على وسائل التواصل الاجتماعي، قيادتها للتظاهرات وإطلاق هتافات مؤثرة تحرك المشاعر الوطنية عند الناس، ومن أهمها هتاف “انا ولائي للوطن، انت منو”، ويردد الناشطون وراءها “انت منو”؛19 وفسر مراقبون المقصود بـ (أنت) بعصابات توالي إيران بدل الوطن الأم المتمثل العراق.

وعرفت رهام يعقوب بنفسها على صفحاتها بوسائل التواصل الاجتماعي، بأنها طالبة دكتوراه في كلية التربية البدنية وعلوم الرياضة، ومحاضرة في جامعة البصرة، صاحبة نادي رياضي، مختصة بتدريب اللياقة، وباحثة في علم التغذية، ومعدة ومقدمة برنامج على راديو الرشيد FM، وكانت ناشطة مؤثرة ومصدر إلهام للمحتجين.

محاولة اغتيال ثلاثة نشطاء مرة واحدة

حاول مسلحون مجهولون اغتيال ثلاثة نشطاء مدنيين دفعة واحدة يوم 17 آب/أغسطس 2020، وهم كل من عباس صبحي، وفهد الزبيدي، ولوديا ريمون، ويظهر مقطع فيديو يوثق محاولة المسلحون في كامل الاسترخاء، إلا أن سرعة بديهة السائق أنقذت الناشطين الثلاثة، وأفادت مصادر وناشطون ومقاطع فيديو مصورة للعملية، بترجل مسلحين من عجلة، وأطلقوا النار بكثافة باتجاه عجلة تقل الناشطين الثلاثة، أثناء التوقف في تقاطع كوت الحجاج وسط البصرة، وأطلق المسلحون أكثر من 15 رصاصة باتجاه سيارة الناشطين. أصيب عباس صبحي ولوديا ريمون على إثرها بجروح، ونقلوا إلى المستشفى، فيما نجا الناشط فهد الزبيدي الذي كان يقود السيارة.

دوافع وأهداف مرتكبي جرائم البصرة

بعد مقتل الناشط أسامة الشحماني وجه وكيل المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني في المدينة وقائد لواء المرجعية حميد الياسري، رسالة إلى الرأي العام بتاريخ 14 آب/أغسطس 2020، عزا فيها سبب تصفيات البصرة وباقي محافظات العراق إلى مطالبة النشطاء بحقوق الشعب وذكر أن القاتل سيشيع المقتولين ويحمل نعشهم و”يشرب على نخبهم المفتي قارورة الدم”.

إلا أن النشطاء في المدينة أكدوا قبل ذلك ومع انطلاق تظاهرات تشرين (2019) بوجود جهات تتلخص مهمتها بتحديد الشخصيات الرافضة لواقع البصرة من أجل تصفيتهم والتخلص منهم.

وتشكل المشاركة في التظاهرات والمطالبة بالإصلاحات السياسية والاقتصادية وحصر الولاء بالوطن، القاسم المشترك لجميع من تعرضوا لعمليات اغتيال أو محاولات تصفية. إلا أن عملية اغتيال رهام يعقوب فتحت الباب أكثر من أي وقت مضى لاتهام الموالين لإيران بارتكاب الجريمة. واستشهدوا على ذلك بوجود تحريض ضد الناشطة وزملائها من قبل وكالة إيرانية تابعة لمنظمة الإعلام الإسلامية الإيرانية (مهر)، والتي اتهمتهم بوجود علاقة لهم مع الدبلوماسيين الأميركيين العاملين في القنصلية الأميركية بالبصرة والعمل ضمن شبكة تنفذ مصالح أميركا في المنطقة، في تقرير لها تضمن نشر صور الناشطة ومقاطع لنشاطاتها المنقولة من حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي، ذهب الإتهام الإيراني الصريح للناشطة أبعد من ذلك وتطرق لدور “عملاء أميركا” في افتعال المزيد من المشاكل بين العراق وإيران بدعم مالي من السعودية وسفيرها ضمن ما أسمتها مخطط “تقسيم العراق وفقا لمشروع جوزيف دانفور إلى إقليمين أو مشروع جوزيف بادين لتقسيم العراق لثلاثة أقاليم” بحسب تعبير الوكالة، وبعد عام من تقرير الوكالة تكررت الاتهامات للناشطة عبر رسالة تهديد وصلتها عبر الهاتف اتهمتها بالعمالة للأمريكان وحذرتها من أن يومها أقترب وأنهم يعرفون شقتها وصالة ألعابها، كما نشرت قناة (العهد) التابعة لفصيل عصائب أهل الحق الموالية لإيران مقطعا مصورا يحرض ضد الناشطة ويظهرها بصحبة القنصل الأميركي في البصرة، وكرر النائب الشيعي كاظم الصيادي عبر نفس القناة (العهد) الاتهامات ضد رهام يعقوب بالعمالة للأمريكان بشكل صريح حتى بعد اغتيالها بالرغم من الردود القوية التي نددت بالعملية.

إلى جانب الشكوك الدائرة حول اتهامات العمالة ثمة تفسير آخر يربط عمليات الاغتيال الأخيرة بحملها رسائل مبطنة للولايات المتحدة أن الكاظمي التي احتفت فيه واشنطن غير مسيطر على أوضاع العراق وليس بإمكانه السيطرة.

إلا أن آخرين يرون أن ثلاثة احتمالات قد تكون الأسباب الأبرز لتنامي موجة الاغتيالات تلك مؤخرا، أولاها يتمثل بمحاولات تصفية الشخصيات المدنية البارزة المعارضة، لمخاوف الجبهات الولائية من احتمالية استثمارها كمشاريع منافسة انتخابية.

أما التفسير الثاني فيقول بأن تلك الموجة تمثل “انتقاما فصائليا” على خطوات رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي في ضبط المنافذ الحدودية وضرب مصالح الميليشيات الاقتصادية في البصرة على وجه الخصوص. أما التفسير الثالث، فيرى في تلك الاغتيالات حالة استباق لاحتمالية عودة الحراك الاحتجاجي مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لانتفاضة تشرين العراقية، وقد رجح الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العميد يحيى رسول وقوف الفساد والتوجيهات الأخيرة للقائد العام للقوات المسلحة للسيطرة على المنافذ والموانئ ومحاربة الفساد وراء ما يحدث في البصرة مؤخرا من عمليات التصفية.

ورغم أن إيران والقوى التابعة لها تشكل محور الاتهامات الموجهة في الاغتيالات الأخيرة، إلا أن تفسيرات وتحليلات أخرى تشیر إلی احتمال أن تسعى الجماعات المسلحة إخراج المحافظة الأكثر ثراء عن سلطة الحكومة، للاستفادة من ثرواتها في تمويل نشاطاتها العسكرية والمدنية ومؤسساتها الإعلامية والسياسية وغيرها من الأنشطة الأخرى في ظل تراجع مواردها الاقتصادية بعد رحيل الحكومة السابقة بالتزامن مع حملة الكاظمي الساعية إلى تجفيف المنابع الاقتصادية للفصائل. تصاحب هذا التحليل اتهامات بـ “التخادم” بين محافظ البصرة الحالي، أسعد العيداني وفصائل مسلحة لعزل حكومة بغداد عن المدينة واللعب على ورقة إنشاء إقليم مستقل للبصرة من أجل إبعاد مناوئي إيران عن المدينة.

ونجح المحافظ الحالي أسعد العيداني المنتمي إلى المؤتمر الوطني العراقي إلى حد ما من تحييد البصرة عن حراك تشرين وقد شوهد وهو يطارد المحتجين بنفسه (2018)، ويتهمه ناشطون باستخدام العنف المتكرر ضد المحتجين وسط حديث عن عدم خلو الاتهامات الموجه إليه من صراع سياسي على منصب محافظ المدينة الحالي بين أطراف سياسية متناطحة والذي يشغله منذ آب 2017 حينما كان العبادي رئيساً للوزراء

وتتغاضى أوساط المقربين من إيران، ومنصاتهم الإعلامية غالباً عن أنباء اغتيال وقتل المتظاهرين، فيما اتهم الأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي مخابرات أميركا وإسرائيل بتمويلها وتجنيد ومرتكبيها المكونين من 23 مجموعة حسب زعمه، خارج البلاد بتدريب أردني على استخدام الكواتم والعبوات اللاصقة والقنص وذلك خلال خطاب متلفز له في ذكرى عاشوراء، ونفى الخزعلي صلة “المقاومة” بالاغتيالات واتهم من يدعي ذلك بوجود ارتباط له بأجندات خارجية.

خلاصة

تشهد المحافظات الجنوبية وفي مقدمتها مدينة البصرة التي تعد الشريان الرئيسي لاقتصاد ونفط العراق موجة اغتيالات للناشطين تبدو أنها منسقة ومنظمة. وتشير الاتهامات والتحليلات المنبثقة من الأوساط المؤيدة للمحتجين بأصابع الاتهام لجماعات مسلحة تتغذى على تهريب النفط وأطراف تسعى لإخراج البصرة من سلطة المركز وإخلائها من الناشطين الذين من الممكن أن يتحولوا إلى منافسين في الانتخابات المقبلة، والسعي لاستخدام موارد المدينة في تمويل نشاطات الجماعات المسلحة، وتركت الحملة آثاراً نفسية على الناشطين وخلقت جوا من الرعب خاصة مع عجز الحكومة عن كشف أي خيط عن حملات الاغتيالات، ومن غير المستبعد أن تشهد المدينة مزيدا من العنف والاغتيال بسبب اقتراب الموعد المحدد للانتخابات واشتداد معركة كسر العظم بين المجموعات المسلحة وسلطة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي.

ان ار تي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى