أخبار الشرق الأوسطخبر عربي وإسلامي

“نحن على مسافة خطوات من اندلاع صراع”… هل يشنّ إردوغان حرباً في شرق المتوسط؟

بينما تواصل تركيا إصرارها على التنقيب عن النفط والغاز في ما تقول اليونان إنه مجالها البحري الخالص، وفي ظل الضغوط التي تمارسها حكومة الرئيس رجب طيب إردوغان الإسلامية المحافظة على الاتحاد الأوروبي من خلال اللاجئين وتحويل الكنائس والمواقع التاريخية إلى جوامع، يخيم بشكل متزايد شبح الانجرار إلى حرب قد تحصل في أية لحظة شرق المتوسط.

ليونان التي تدعمها الولايات المتحدة ترفض بشكل قاطع الممارسات التركية أحادية الجانب وتطالب بإجراء مفاوضات صادقة مع الطرف التركي لتجنب تصاعد التوترات البحرية. فرنسا عززت من جانبها وجودها العسكري شرق المتوسط لدعم اليونان بحسب المعاهدات الأوروبية الداخلية والتزامات باريس داخل حلف الناتو، أما ألمانيا، فلا تزال تحاول لعب در الوسيط وتدعو إلى “خفض التصعيد” بين الأطراف.

في 21 تموز 2020، أبحر 15 زورقاً عسكرياً تركياً برفقة سفينة تنقيب تركية عن الغاز اتجهت نحو قطاع بحري يبعد أكثر من 500 كيلومتراً عن البر الرئيسي لليونان، لكن أثينا تقول إنه يتبع منطقتها الاقتصادية بسبب وجود جزر تابعة لها هناك وفق معاهدة لوزان الموقعة في عام 1923 بعد الحرب العالمية الأولى.

وتطالب تركيا بتعديل الحدود البحرية مما يتسبب بانتظام باحتكاكات بين البلدين وتشهد أجواء الجزر اليونانية المحاذية للبر التركي بشكل مستمر انتهاكات للطيران الحربي التركي تقوم المقاتلات اليونانية باعتراضها. وتفسر مجلة “ماريان” الفرنسية طموحات إردوغان في تعديل المعاهدات الدولية أو التخلي عنها برغبة أنقرة في استعادة “ممتلكات” الإمبراطورية العثمانية والتي وصفتها المجلة بـ”أجندة قومية إسلامية تهدف إلى جعل الناس ينسون الأزمة الاقتصادية المحلية المزعجة والضعف التدريجي لحزب العدالة والتنمية بعد خمسة عشر عاماً من السلطة بلا منازع”.

ردت أثينا على إرسال السفينة التركية فوراً وأتهمت أنقرة بـ”محاولة غزو أراضيها القارية”، كما تشكلت في اليونان جبهة مشتركة من القوى السياسية والاجتماعية المختلفة ضد ما يوصف هناك بـ”السياسة التوسعية التركية”. صحيفة كاثيميريني اليمينية اليونانية عنونت “أنقرة تلعب بالنار”، أما الصحيفة اليومية اليسارية “إفسين” فقالت في مقال أن “إردوغان لا يزال يشد الحبل”. وسواء تعلق الأمر برئيس الوزراء اليوناني المحافظ كيرياكوس ميتسوتاكيس أم بسلفه اليساري أليكسيس تسيبراس، فإن لهجة اليونان تزداد تشدداً حيال أردوغان وما تقول أثينا أنه “عدوان تركي متنظم” على سيادتها، الأمر الذي ينذر بعواقب وخيمة.

الأكيد أن حقول الغاز الواسعة في شرق البحر الأبيض المتوسط بين اليونان وقبرص وتركيا أثارت شهية كثيرين وتأمل دول متوسطية قريبة مثل مصر وإسرائيل في الاستفادة منها. هكذا، وقعت اليونان ومصر في 6 آب 2020 اتفاقية تتضمن “ترسيم حدود المناطق البحرية بين البلدين” وتؤكد حق وتأثير الجزر اليونانية على الجرف القاري والمنطقة الاقتصادية التابعة لليونان، وهو ما أثار غضب تركيا التي رأت فيها “استفزازاً”.

لكن إلى أي مدى يمكن أن يصل هذا التصعيد؟ بحسب أنجيلوس سيريغوس النائب عن حزب “الديمقراطية الجديدة” اليميني الحاكم في اليونان: “نحن على مسافة خطوات من وقوع حادث، مع وجود تركيا ذات أهداف توسعية علنية”. وأشار النائب أيضاً إلى “الرمزية العثمانية” التي تتكرر بانتظام على لسان المسؤولين الحكوميين الأتراك كما هو الحال في تحويل موقع آيا صوفيا إلى مسجد الذي رأت اليونان فيه “استفزازاً”.

في إشارة إلى أن التوترات الحالية مقلقة، وجه رئيس الوزراء اليوناني خطاباً إلى الأمة أشاد فيه بـ “الفخر الوطني” وذكر أنه “وضع القوات المسلحة في حالة تأهب”. وحصلت اليونان على الدعم أولاً على المستوى العسكري حين عززت باريس وجودها العسكري في المنطقة بإرسال طائرتين مقاتلتين من طراز رافال وسفينتين من البحرية الفرنسية (حاملة طائرات هليكوبتر وفرقاطة). أما أردوغان فقد حذر من أن الهجوم على السفينة التركية سيكون “ثمنه باهظاً”.

ويشهد البحر المتوسط مجموعة من الأزمات والصراعات تجعل منه واحدة من أكثر المناطق اضطراباً في العالم: سوريا في حالة حرب طاحنة منذ عام 2011 وفي لبنان انفجار هائل واحتجاجات مستمرة أدت إلى استقالة الحكومة، وكذلك فإن الصراع مستمر بين إسرائيل والفلسطينيين، وتم توقيع العديد من الاتفاقيات بين اليونان وقبرص ولبنان وإيطاليا ومصر لاستغلال المناطق البحرية، كما وقعت تركيا اتفاقية مخالفة للقانون الدولي مع ليبيا عازمة على التمركز في المنطقة.

مونت كارلو الدولية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى