قال الغزالي في كتاب إحياء علوم الدين 1/77 :
*… وفي وصف هؤلاء العلماء قال علي رضي الله عنه في حديث طويل. القلوب أوعية وخيرها أوعاها للخير، والناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل النجاة وهمج رعاع اتباع لكل ناعق يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجئوا إلى ركن وثيق، العلم خير من المال، العلم يحرسك وأنت تحرس المال. والعلم يزكو على الإنفاق والمال ينقصه الإنفاق، والعلم دين يدان به تكتسب به الطاعة في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته؛ العلم حاكم والمال محكوم عليه، ومنفعة المال تزول بزواله، مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء أحياء باقون ما بقي الدهر، ثم تنفس الصعداء وقال: هاه إن ههنا علما جما لو وجدت له حملة ” بل أجد طالبا غير مأمون يستعمل آلة الدين في طلب الدنيا ويستطيل بنعم الله على أوليائه ويستظهر بحجته على خلقه، أو منقادا لأهل الحق لكن ينزرع الشك في قلبه بأول عارض من شبهة لا بصيرة له لا ذا ولا ذاك؛ أو منهوما باللذات سلس القياد في طلب الشهوات، أو مغرى بجميع الأموال والادخار منقادا لهواه أقرب شبها بهم الأنعام السائمة؛ اللهم هكذا يموت العلم إذا مات حاملوه ثم لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة إما ظاهر مكشوف وإما خائف مقهور لكيلا تبطل حجج الله تعالى وبيناته وكم وأين أولئك؟ هم الأقلون عددا الأعظمون قدرا أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة يحفظ الله تعالى بهم حججه حتى يودعوها من وراءهم ويزرعوها في قلوب أشباههم : هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين فاستلانوا ما ساتوعر منه المترفو وأنسوا بما استوحش منه الغافلون، صحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالمحل الأعلى أولئك أولياء الله عز وجل من خلقه وأمناؤه وعماله في أرضه والدعاة إلى دينه ثم بكى وقال: واشوقاه إلى رؤيتهم فهذا الذي ذكره أخيرا هو وصف علماء الآخرة وهو العلم الذي يستفاد أكثره من العمل والمواظبة على المجاهدة.
وقد أقرّ بحديث الإمام علي عليه السلام ،هذا المذكور أحد عُلماء السلفية وهو:
د.عبدالله الفقيه،في إحدى فتاويه ، الفهرس » فكر وسياسة وفن » ثقافة وفكر » معارف عامة (684( رقم الفتوى : 67003
عنوان الفتوى : من أعلام الإسلام وكتب الشريعة
تاريخ الفتوى : 08 شعبان 1426
السؤال ” ما أسماء العلماء الثقات فى كل بلد، وما أسماء الكتب الصحيحة المحققة فى جميع مجالات الدين من تفسير وحديث وفقه وأصول فقه وعقيدة؟ “
الفتوى ” الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن هذه الأمة غنية بعلمائها الثقات في كل عصر وفي كل مصر، فلا تكاد بلدة من بلاد المسلمين تخلو من هؤلاء القائمين بالحق القائلين به، مصداقا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك. رواه مسلم .
وكما قال علي رضي الله عنه: لا تخلو الأرض من قائم بحجة…“
وكان الإمام مالك رحمه الله مرجعا في الحديث والفقه… في المدينة، كما كان ابن جريج في مكة، وكان الليث بن سعد في مصر، وكان الأوزاعي بالشام، والثوري بالعراق… وكان غيرهم كثير من علماء الأمصار في البلاد الأخرى قبلهم وبعدهم حتى يومنا هذا.
أما الكتب فمن أهمها وأصحها بعد كتاب الله تعالى الصحيحان البخاري ومسلم وموطأ مالك وكتب السنن.. ومن أهم كتب التفسير تفسير الطبري ، وتفسير القرطبي ، وتفسير ابن كثير . ومن كتب العقيدة المهمة العقيدة الطحاوية لأبي جعفر الطحاوي ، والعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية ، ومن أهم كتب الأصول الورقات لإمام الحرمين، ومرتقى الأصول لابن عاصم ، ومراقي السعود..
وأما كتب الفقه فهي كثيرة متشعبة فمنها المختصر ومنها المطول ومنها ما يختص بفروع مذهب معين أو باب أو أبواب خاصة ومنها ما هو عام وتفصيل ذلك لا يناسب المقام، ونرجو أن تطلع على الفتاوى ذات الأرقام التالية للمزيد من الفائدة: 22007 ، 32487 ، 2410 ، 4131 ، 4378 ، 10695 ، 44550 .
والله أعلم.
المفتي: مركز الفتوى بإشراف د.عبدالله الفقيه
وذكر ابن عساكر في تاريخ دمشق هذا الحديث المروي عن أمير المؤمنين عليه السلام،
كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر 50/254 :
[أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله إذنا ومناولة وقرأ علي إسناده أنبأنا محمد بن الحسين أنبأنا المعافى بن زكريا القاضي حدثنا محمد بن أحمد المقدمي حدثنا عبد الله بن عمر بن عبد الرحمن الوراق حدثنا ابن عائشة حدثني أبي عن عمه عن كميل ح قال وحدثني أبي حدثنا أحمد بن عبيد حدثنا المدائني والألفاظ في الروايتين مختلطة قالا قال كميل بن زياد النخعي
أخذ علي بن أبي طالب بيدي فأخرجني إلى ناحية الجبان فلما أصحر تنفس ثم قال يا كميل إن هذه القلوب أوعية فخيرها أوعاها احفظ عني ما أقول لك الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع أتباع كل ناعق غاو يميلون مع كل ريح لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق يا كميل العلم خير من المال العلم يحرسك وأنت تحرس المال والعلم يزكو على الانفاق والمال تنقصه النفقة يا كميل محبة العالم دين يدان به في كسبه العلم لذته في حياته وجميل الأحدوثة بعد وفاته ونفقة المال تزول بزواله والعلم حاكم والمال محكوم عليه يا كميل مات خزان الأموال وهم أحياء والعلماء باقون ما بقي الدهر أعيانهم مفقودة وأمثالهم في القلوب موجودة إن ههنا لعلما وأشار إلى صدره لو أصبت له حملة ثم قال اللهم بل أصبته لقنا غير مأمون عليه يستعمل آلة الدين في الدنيا ويستظهر بحجج الله على أوليائه وبنعمه على كتابه أو منقادا لجملة الحق على أن لا بصيرة له في إحيائه يقدح الزيغ في قلبه بأول عارض من شبهة اللهم لا ذا ولا ذاك أو منهوما باللذات سلس القياد في الشهوات ومغرما بالجمع والادخار وليسا من دعاة الدين أقرب شبها بهما الأنعام السائمة وكذلك يموت العلم بموت حملته ثم قال اللهم بلى لا تخلو الأرض من قائم بحجة إما ظهر مستور وإما خائف مغمور لأن لا تبطل حجج الله وبيناته فيكم وأين أولئك الأقلون عددا الأعظمون قدرا بهم يحفظ الله حججه حتى يودعوها نظرائهم ويزرعوها في قلوب أشباههم هجم بهم العلم على حقيقة الأمر فباشروا روح اليقين واستسهلوا ما استوعر المترفون وأنسوا بما استوحش منه الجاهلون وصحبوا الدنيا بأرواح معلقة بالمحل الأعلى يا كميل أولئك خلفاء الله في أرضه الدعاة إلى دينه هاه شوقا إلى رؤيتهم أستغفر الله لي ولك.
ويقول ابن حجر في فتح الباري 10/251 :….. وفي صلاة عيسى خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أن الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة . والله أعلم .
ويقول العيني في عُمدة القاري 16/40 :
… وفي صلاة عيسى عليه الصلاة و السلام خلف رجل من هذه الأمة مع كونه في آخر الزمان وقرب قيام الساعة دلالة للصحيح من الأقوال أنه الأرض لا تخلو عن قائم لله بحجة.
ويقول ابن تيمية فتاويه 6/68 :
كما قال تعالى : { إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون } ولا تزال فيه طائفة قائمة ظاهرة على الحق فلم ينله ما نال غيره من الأديان من تحريف كتبها وتغيير شرائعها مطلقا ؛ لما ينطق الله به القائمين بحجة الله وبيناته الذين يحيون بكتاب الله الموتى ويبصرون بنوره أهل العمى فإن الأرض لن تخلو من قائم لله بحجة ؛ لكيلا تبطل حجج الله وبيناته.
ويقول ابن القيم الجوزية تلميذ ابن تيمية في كتابه إعلام الموقعين (2/276) الناشر دار الجيل – بيروت ، 1973:
وطائفة ليسوا أصحاب وجوه ولا احتمالات كأبي حامد وغيره واختلفوا متى انسد باب الاجتهاد على أقوال كثيرة ما أنزل الله بها من سلطان وعند هؤلاء أن الأرض قد خلت من قائم لله بحجة ولم يبق فيها من يتكلم بالعلم ولم يحل لأحد بعد أن ينظر في كتاب الله ولا سنة رسوله لأخذ الأحكام منهما ولا يقضي يفتي بما فيهما حتى يعرضه على قول مقلده ومتبوعه فإن وافقه حكم به وأفتى به وإلا رده ولم يقبله وهذا أقوال كما ترى قد بلغت من الفساد والبطلان والتناقض والقول على الله بلا علم وإبطال حججه والزهد في كتابه وسنة رسوله وتلقي الأحكام منهما مبلغها ويأبى الله إلا أن يتم نوره ويصدق قول رسوله إنه لا تخلو الأرض من قائم لله بحججه ولن تزال طائفة من أمته على محض الحق الذي بعثه به وأنه لا يزال يبعث على رأس كل مائة سنة لهذه الأمة من يجدد لها دينها ويكفي في فساد هذه الأقوال أن يقال لأربابها فإذا لم يكن لأحد أن يختار بعد من ذكرتم فمن أين وقع لكم اختيار تقليدهم دون غيرهم وكيف حرمتم على الرجل أن يختار ما يؤديه إليه اجتهاده من القول الموافق لكتاب الله وسنة رسوله…..الخ .
* صحيفة الصراط المستقيم * العدد 29 * السنة الثانية * بتاريخ 8-2-2011 م * 4 ربيع الأول 1432 هـ.ق *