حاكمية الله تعني ان الحكم لله تشريعا وتنفيذا فالله هو من يضع الشريعة وهو من ينصب المنفذ لهذه الشريعة سواء كان نبيا ام وصيا ام اماما ام حتى ملكا كطالوت ع (وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً) البقرة 247
وحاكمية الله في ارضه بشقيها التشريع والتنفيذ ،
التشريع الذي هو الشريعة الالهية والتنفيذ الذي يكون من خلال الحاكم، لابد ان تكون معصومة من الخطأ والا فالخطأ في الحاكمية سينسب الى الله لانها حاكميته هو سبحانه، ولهذا فالكل متفق على الشق الاول من الحاكمية أي التشريع وانه الهي ولا يجوز تدخل البشر فيه او التشريع باهوائهم، ولكن الاختلاف في التنفيذ او المنفذ بالخصوص ولولا استيلاء ابو بكر وعمر على كرسي التنفيذ لما حصل الاختلاف بين المسلمين حول هذا الشق لان القرآن واضح في بيان ان الله هو من يعين خليفته في ارضه (إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً).
والله نصب اول خليفة له في ارضه آدم ع ولم يسمح للملائكة ان يختاروا منهم او من غيرهم خليفة لله في ارضه فإذا كان الله لم يسمح ان يختار الملائكة الاطهار المعصومون خليفته في ارضه فكيف يسمح ان يختار خليفته سبحانه أناس غير معصومين يخطئون ويصيبون في ابسط الامور (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (البقرة : 30).
خلافة الله في ارضه هي امر الله وليس لاحد ان يقول انها امر الناس الا ان اراد العناد والا ان يقول عنزة ولو طارت.
قال تعالى ( إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) والذي يقول ان هذه الاية تعني ان كل الناس خلفاء الله في ارضه بمعنى انهم يخلفون الله في عمارة الارض ويبنون ويزرعون فنقول لهم وهل الله فلاح ام عامل بناء ام ان الله خالق الخلق ومالكهم وملكهم الحقيقي فمن يخلفه في ارضه يقوم بمقامه باعتباره مالك الملك فخليفة الله يكون هو الملك والحاكم في الارض
وايضا في القرآن قوله تعالى ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) (صـ : 26)
فلو كانت خلافة الله في ارضه لكل الناس فداود من الناس ايضا فلاداعي لان يخاطبه الله مرة اخرى ويقول له ( يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ ) ثم ان الاية بينت ان هذه الخلافة تشمل الملك والحكم بين الناس فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ. فهذه الاية بينة وواضحة ان خلفاء الله في ارضه هم الذين يحكمون.
فالحاكمية لله والخليفة المنفذ لشرع الله يختاره الله قبل وفي زمن وبعد رسول الله ص.
السؤال الآن : كيف نعرف المنصب من الله سبحانه ؟
قانون معرفة الخليفة الشرعي ؟
قانون معرفة الحجة
هل ان الله سبحانه وتعالى وضع قانون يعرف به داعي الحق في كل زمان وهو حجة الله على عباده وخليفة الله في ارضه وطاعته طاعة الله ومعصيته معصية الله ، والايمان به والتسليم له هو الايمان بالله والتسليم لله والكفر به والالتواء عليه ، هو الكفر بالله والالتواء على الله .
ام ان الله ترك الحبل على الغارب (حاشاه سبحانه وتعالى ) وهو الحكيم المطلق وقدر كل شيء فاحسن تقديره ، ( وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ)(الرعد: 8) وهو( عَالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)(سـبأ: 3).
فالنتيجة ان مقتضى الحكمة الالهية هو وضع قانون لمعرفة خليفة الله في ارضه في كل زمان ، ولابد ان يكون هذا القانون وضع منذ اليوم الاول الذي جعل فيه الله سبحانه خليفة له في ارضه فلا يمكن ان يكون هذا القانون طارئ في احدى رسالات السماء المتاخرة عن اليوم الاول لوجود مكلفين منذ اليوم الاول ، ولا اقل ان القدر المتيقن للجميع هو وجود ابليس كمكلف منذ اليوم الاول
والمكلف يحتاج هذا القانون لمعرفة صاحب الحق الالهي وإلا فانه سيعتذر عن اتباع صاحب الحق الالهي بانه لم يكن يستطيع التمييز ولا يوجد لديه قانون الهي لمعرفة هذا الخليفة المنصب من قبل الله سبحانه وتعالى . والقدر المتيقن للجميع حول تاريخ اليوم الأول الذي جعل فيه الله خليفة له في أرضه هو :
1.النص او الوصية : ان الله نص على ادم وانه خليفته في أرضه بمحضر الملائكة (ع) وإبليس
2.العلم : بعد ان خلق : الله ادم (ع) علمه الأسماء كلها
3.حاكمية الله او راية البيعة لله : ثم أمر الله من كان يعبده في ذلك الوقت الملائكة وإبليس بالسجود لآدم
قال تعالى : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ) (البقرة:30)
( وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ) (البقرة:31)
(فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) (الحجر:29)
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلاً) (الكهف:50)1
هذه الامور الثلاثة هي قانون الله سبحانه وتعالى لمعرفة الحجة على الناس وخليفة الله في ارضه وهذه الامور الثلاث قانون سنه الله سبحانه وتعالى لمعرفة خليفته منذ اليوم الاول ، وستمضي هذه السنة الالهية الى انقضاء الدنيا وقيام الساعة .
(سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الأحزاب:62)
(سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً) (الفتح:23) .
بعد رسول الله ص :
تبين لنا الآن من القرآن الكريم كيف يعرف الخليفة الشرعي وانه ياتي اولا بالنص وثانيا بالعلم وثالثا يطالب ويدعو لحاكمية الله سبحانه وتعالى.
فمن هو وصي رسول الله ومن هو اعلم الناس بعد رسول الله ومن الذي أمرَ رسول الله بأمرِ الله الناس بطاعته ، يجب ان يكون هناك شخصاً فيه هذه الامور الثلاثة والا فمن يقول بعدمه يتهم الله سبحانه وتعالى بمجانبة الحكمة.
الامام علي (ع) ومن بعده من خلفاء الله الشرعيين الائمة الاثنا عشر والمهديين الاثنا عشر
1.النص عليهم
وصية الرسول (ص) في الليلة التي كانت فيها وفاته ونصوص كثيرة من طرق الشيعة و السنة
2.العلم
[ النساء:83 ]-[ وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً ]
الامام علي (ع) كان اعلم واقضاهم و اعرفهم وكانوا يحتاجون الى علمه دائما بشهادة الكثير جدا من الروايات الصحيحة عند حتى المخالفين. وكذلك الائمة من بعده.
الى اليوم الامام احمد (ع) اصدر كتب في التفسير في العقائد للمسلمين وللنصارى واليهود ولا يستطيع احد يرد عليه أي شئ والتحدي لازال مرفوع.
3.راية البيعة لله : الدعوة لحاكمية الله
هم الذين يدعون لحاكمية الله في كل زمان. الامام علي طالب بالحاكمية الالهية في عدة مواضع واحتج عليهم وهكذا الى الامام احمد (ع) اليوم.
ولم يبق احد يطالب بحاكمية الله تشريعا وتنفيذا (أي التشريع من الله والمنفذ ايضا من الله) اليوم الا الامام احمد الحسن (ع).
—————————————————————————————————————-
* صحيفة الصراط المستقيم * العدد 11 * السنة الثانية * بتاريخ 5-10-2010 م * 26 شوال 1431 هـ.ق *