زاوية الأبحاثزاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينية

المعترضون على خلفاء الله .. وحدة المنهج (( الحلقة العاشرة )) القسم(1)

الرابعة: (( اتهام حجة الرسل بالضعف بل بعدم الإتيان ببينة رغم البيان ))

(ضعيف الحجة بل لم تأتِ ببينة وكل ما أتيت به ما هو إلا أساطير الأولين، ثم: لست بفصيح، ولا نفقه كثيراً مما تقول، ولم نسمع بشيء جديد منك، بل بإمكاننا أن نقول مثل قولك). هذه مضامين بعض ما قاله المعترضون على خلفاء الله عند بيان حجتهم لأقوامهم، وهي سنة جمعت المعترضين فتوحدوا عليها رغم تمادي السنين وتعاقبها. ويكفينا أن نشير هنا عن أدلة رسل الله ووضوحها بياناً ما قاله الله تعالى عنها لما بعث رسله بها: ﴿فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآؤُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ﴾ آل عمران: 184. ﴿وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُنَا بِالبَيِّنَاتِ …﴾ المائدة: 32. إذن، يقول الله عما جاء به الرسل بأنه (بينات)، فلننظر إلى حال المعترضين مع بينات الله:

1-  إنهم أصرّوا على طلب الدليل والبينة من الرسل حتى بعد مجيئهم بما قال الله عنه (بينات)، ﴿قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ﴾، طيب وماذا كان (ع) يقول لكم وهو يدعوكم !!! وفعلاً أصروا على كفرهم ﴿وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَبل وبسبب البينات التي يقولها لهم قالوا له: ﴿إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ﴾ هود: 53 – 54. وكانوا يعتبرون تكرار بيانها (البينات) من قبل الرسل إكثاراً للجدال ﴿..قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ﴾ هود: 32. ألا إنهم هم المجادلون لو كانوا يفقهون.

 وأيضاً: ﴿قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ﴾ يس: 15. فبعد كل ما جاء به الرسل من الآيات والبينات من الرحمن سبحانه هم ما زالوا يقولون: ما أنزل الرحمن من شيء !! ويضيف قسم آخر من المعترضين: إن ما جاء به خليفة الله ليس فيه شيء جديد ولو شئنا لقلنا مثله ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاء لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِيرُ الأوَّلِينَ﴾ الأنفال: 31.

2-    مرّ علينا فيما سبق كفر المعترضين ببينات وآيات الرسل وتكذيبهم لها واستهزائهم بها وغير ذلك مما عرضناه، وأقصى وسيلة يفقهونها في عرفهم للتعامل مع بينات الله – بعد الاستهزاء والتكذيب والكفر – هو الشك فيها، قال تعالى: ﴿أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ اللّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ وَإِنَّا لَفِي شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ﴾ إبراهيم: 9.

3-    وكان من حال المعترضين الفرح بما عندهم من العلم عند مجيء الرسل بالبينات، قال تعالى في تقرير هذه الحقيقة: ﴿فَلَمَّا جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَرِحُوا بِمَا عِندَهُم مِّنَ الْعِلْمِ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾ غافر: 83. وعظيم هو قول الله سبحانه عن العلم الذي عند المعترضين (بما عندهم)، وأما العلم الذي يكون علماً عنده سبحانه فهو ما يبعث به حججه داعين ومبينين.

قال تعالى: ﴿كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ﴾ البقرة: 151. (يعلمكم): فما يأتي به خليفة الله من الله هو العلم، وهو آية صدقه، والعلم هو أحد فقرات قانونه سبحانه في حججه كما اتضح أكثر من مرة في بحوث تقدمت، وأما ما عند المعترضين مما اصطلحوا عليه من علم فهو علم عندهم، وفي حقيقته هو جدال وسفسطة، ولذا صار سبباً في استهزائهم بآيات الله وبيناته ﴿وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُون﴾، وإلا فهل ما يؤدي لذلك علم بربكم ؟!!

والعلم الإلهي هو نفسه الحكمة التي يبعث بها الرسل ﴿وَلَمَّا جَاء عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ وَلِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ﴾ الزخرف: 63. ولكن أبى المعترضون إلا مجابهة حكمة الرسل وعلمهم الإلهي بالتكذيب والاستهزاء والكفر رغبة بما عندهم وفرحاً به.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى