زاوية الأبحاثزاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينية

المعترضون على خلفاء الله .. وحدة المنهج (( الحلقة الثامنة )) القسم (2)

وإذا كان رسول الله (ص) قد دعا قومه إلى ولاية علي وولده (ع)، فإنّ القائم (ع) يدعو قومه أيضاً إلى ولاية آبائه الطاهرين (ع)، فإنّ المهديين (ع) قد وصفهم أهل البيت (ع) بأنهم: (يدعون الناس إلى موالاتنا ومعرفة حقنا) بحار الأنوار: ج53 ص115. وتعيير قريش رسول الله (ص) بقومه لم تشذ عنه اليوم أمة اعترضت على القائم (ع) كما اعترضت قريش على رسول الله (ص) وقوم نوح على نوح (ع) وباقي أقوام الأنبياء والأوصياء على حجج الله ، وبنفس الاعتراض أيضاً. (إن اتبعوكم إلا أراذلنا، ليسوا بخير مقاماً، ولا أحسن ندياً، بسطاء، سذج، ليسوا من أهل التخصص في علوم الحوزة، ليسوا بمعروفين، مَنْ هم ولم نسمع بهم …). بل لا مجال إلا للحكم بأنّ مطلقي هذه الأقوال اليوم هم معترضون على خلفاء الله قطعاً بعد معرفة أنّ إطلاقها هو منهج للمعترضين فيمن سبقهم من أسلافهم، وأنّ من تطلق عليهم هم أنصار الأنبياء والأوصياء. وهنا يمتاز الخطان لا محالة، خط القائم (ع) وهو خط الساجدين لله سبحانه وهو الأضعف جنداً في نظر المعترضين، وخط المعترضين وهم الأضعف جنداً في نظر الله سبحانه وخلفائه.

وإلى كل من يتهم أنصار بقية آل محمد (ع) ويصفهم بما وصف به المعترضون أنصار الأنبياء هذا الحديث لعلنا جميعاً نتأمل ما فيه ونرى حالنا منه: عن أبي عبد الله (ع) أنه دخل عليه بعض أصحابه فقال له: (جعلت فداك إني والله أحبك وأحب من يحبك، يا سيدي ما أكثر شيعتكم؟ فقال له: اذكرهم، فقال: كثير، فقال: تحصيهم؟ فقال: هم أكثر من ذلك، فقال أبو عبد الله (ع): أما لو كملت العدة الموصوفة ثلاثمائة وبضعة عشر كان الذي تريدون، ولكن شيعتنا من لا يعدو صوته سمعه، ولا شحناؤه بدنه، ولا يمدح بنا غالياً، ولا يخاصم لنا والياً، ولا يجالس لنا عائباً، ولا يحدث لنا ثالباً، ولا يحب لنا مبغضاً، ولا يبغض لنا محباً.

فقلت: فكيف أصنع بهذه الشيعة المختلفة الذين يقولون إنهم يتشيعون؟ فقال: فيهم التمييز وفيهم التمحيص، وفيهم التبديل، يأتي عليهم سنون تفنيهم وسيوف تقتلهم، واختلاف تبددهم، إنما شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل الناس بكفه وإن مات جوعاً.

قلت: جعلت فداك، فأين أطلب هؤلاء الموصوفين بهذه الصفة؟ فقال: اطلبهم في أطراف الأرض أولئك الخشن عيشهم، المنتقلة دارهم، الذين إن شهدوا لم يعرفوا، وإن غابوا لم يفتقدوا، وإن مرضوا لم يعادوا، وإن خطبوا لم يزوجوا، وإن ماتوا لم يشهدوا، أولئك الذين في أموالهم يتواسون، وفي قبورهم يتزاورون، ولا يختلف أهواؤهم وإن اختلفت بهم البلدان) بحار الأنوار: ج65 ص164.

فمن منكم فيه ما ذكره الإمام (ع) من صفات لشيعتهم لتحكموا علينا بأنا عن الشيعة خارجون، وتتهمونا بأنا أراذل القوم وسذاجهم، ولسنا بمنزعجين من ذلك أبداً وقد رأيناه سمة أنصار خلفاء الله، ولكنها حسرة نبديها على قومنا، فرفقاً بأنفسكم وأنتم تقرؤون عن الإمام الصادق (ع) قوله: (إن ممن ينتحل هذا الأمر لمن هو شر من اليهود والنصارى والمجوس والذين أشركوا) بحار الأنوار: ج65 ص166.

وإليكم وصف حالكم أيها المتكبرون على عباد الله، المبغضون من أطاع الله سبحانه في حججه بنص من لا ينطق عن الهوى (ص)، عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، قال: سمعت النبي (ص) يقول وأقبل على أسامة بن زيد فقال: (يا أسامة، عليك بطريق الحق، وإياك أن تختلج دونه بزهرة رغبات الدنيا، وغضارة نعيمها، وبائد سرورها، وزائل عيشها، إلى أن قال (ص): ألا ولا تقوم الساعة حتى يبغض الناس من أطاع الله، ويحبون من عصى الله، فقال عمر: يا رسول الله، والناس يومئذ على الإسلام ! قال: وأين الإسلام يومئذ يا عمر ! المسلم يومئذ كالغريب الشريد، ذاك الزمان يذهب فيه الإسلام ولا يبقى إلا اسمه، ويندرس فيه القرآن ولا يبقى إلا رسمه، فقال عمر: يا رسول الله، وفيما يكذبون من أطاع الله ويطردونهم ويعذبونهم؟ فقال: يا عمر، تركوا القوم الطريق، وركنوا إلى الدنيا، ورفضوا الآخرة، وأكلوا الطيبات، ولبسوا الثياب المزينات، وخدمهم أبناء فارس والروم، فهم يغتدون في طيب الطعام، ولذيذ الشراب، وذكي الريح، ومشيد البنيان، ومزخرف البيوت، ومنجدة المجالس، ويتبرج الرجل منهم كما تبرج المرأة لزوجها، وتتبرج النساء بالحلي والحلل المزينة، زيهم يومئذٍ زي الملوك الجبابرة، يتباهون بالجاه واللباس، وأولياء الله عليهم العباء شاحبة ألوانهم من السهر، ومنحنية أصلابهم من القيام، قد لصقت (بطونهم) بظهورهم من طول الصيام. إلى أن قال: فإذا تكلم منهم متكلم بحق أو تفوه بصدق، قيل له: اسكت فأنت قرين الشيطان ورأس الضلالة، يتأولون كتاب الله على غير تأويله ويقولون: ﴿مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ﴾ مستدرك الوسائل – الميرزا النوري: ج12 ص57 –  58. والحمد لله رب العالمين.


اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى