قبل أن أدخل في موضوعي أود الإشارة إلى أمر مهم ، لكي لا تتلقف الظنون عبارة ( اليماني هو قائم آل محمد ) بكثير من الأوهام ، غير المقصودة من البعض والمقصودة من آخرين.
أود أن أقول: إن اليماني هو القائم بالسيف بأمر من أبيه الإمام المهدي (ع) ، وهذا المعنى الذي يؤكد وجود الإمام المهدي (ع) ، ويمنحه دوره الكامل سيكون دائماً حداً لن تتجاوزه كلماتي.
الدليل الثاني :
وقال رسول اللّـه (ص) ، في حديث طويل … إلى أن قال (ص) : ( الحقوا به بمكة فإنه المهدي وأسمه أحمد)([1]).
وهذه الرواية تنص على أن اسم المهدي هو أحمد. بل لعلنا من خلال هذه الرواية يمكننا أن نفهم ما ورد من إن المهدي اسمه اسم رسول اللّـه (ص) ، واسم أبيه اسم أبي الرسول (ص) .
فقد ورد في الغيبة – الشيخ الطوسي :
( عن عاصم، عن زر بن حبيش، عن عبد اللّـه بن مسعود. قال: قال رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وآله وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول اللّـه تعالى ذلك اليوم حتى يبعث رجلا مني يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي يملأ الأرض عدلا كما ملئت ظلما )([2]).
الملاحم والفتن – السيد ابن طاووس :
عن أبي الطفيل: إن رسول اللّـه صلى اللّـه عليه وسلم قال : ( المهدي اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي )([3]).
هذه الروايات واشباهها ربما دفعت أبناء العامة للظن بأن اسم الإمام المهدي (ع) هو محمد بن عبداللّـه، ولكننا نعلم أن رسول اللّـه (ص) اسمه (أحمد) كذلك، وهو (ص) كثيراً ما كان يقول: أنا ابن الذبيحين عبداللّـه واسماعيل.
ففي البحر الرائق – ابن نجيم المصري :
( روي عنه عليه السلام أنا ابن الذبيحين يعني أباه عبد اللّـه وإسماعيل )([4]).
وفي الخصال – الشيخ الصدوق :
( حدثنا علي بن الحسن بن علي بن فضال ، عن أبيه قال: سألت أبا الحسن علي – ابن موسى الرضا عليهما السلام عن معنى قول النبي صلى اللّـه عليه وآله : أنا ابن الذبيحين قال : يعني إسماعيل ابن إبراهيم الخليل عليهما السلام وعبد اللّـه بن عبد المطلب )([5]).
وفي من لا يحضره الفقيه – الشيخ الصدوق : عنه (ص): ( يا علي : أنا ابن الذبيحين )([6]).
وفي الفصول المختارة – الشريف المرتضى : وقال رسول اللّـه ( ص ) في افتخاره بآبائه : أنا ابن الذبيحين يعني إسماعيل – عليه السلام – و عبد اللّـه)([7]).
والسيد أحمد الحسن (ع) اسمه أحمد واسم أبيه إسماعيل.
الدليل الثالث :
كفاية الأثر – الخزاز القمي :
عن محمد بن الحنفية، قال : قال أمير المؤمنين (ع) : ( سمعت رسول اللّـه (ص) يقول، في حديث طويل في فضل أهل البيت (ع) : وسيكون بعدي فتنة صماء صيلم يسقط فيها كل وليجة وبطانة ، وذلك عند فقدان شيعتك الخامس من السابع من ولدك )([8]).
الرسول (ص) يحدث أمير المؤمنين (ع) عن فتنة تقع عند فقدان الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين (ع)، فهو يقول له : من ولدك .
لنرى من يكون هذا الولد من أولاد علي (ع) :
1- الإمام الحسن 2- الإمام الحسين 3- الإمام السجاد 4- الإمام الباقر 5- الإمام الصادق 6- الإمام الكاظم 7- الإمام الرضا ( وهو السابع ) والآن لنعرف من هو الخامس من السابع من ولد أمير المؤمنين (ع):
1- الإمام الجواد 2- الإمام الهادي 3- الإمام العسكري 4- الإمام المهدي 5- الإمام أحمد المذكور في وصية رسول اللّـه (ص).
إذن المقصود هنا هو أحمد بن الإمام المهدي (ع)، هو الخامس من السابع من ولد أمير المؤمنين. وهو الذي بفقدانه تكون الفتنة الصماء الصيلم أي الإختبار الذي يسقط فيه كل ذي وليجة وبطانة.
وفي الكافي – الشيخ الكليني :
قال إن الإمام الكاظم (ع) قال لأولاده وأرحامه : ( إذا فقد الخامس من ولد السابع فاللّـه اللّـه في أديانكم، لا يزيلنكم عنها أحد. يا بني إنه لابد لصاحب هذا الأمر من غيبة حتى يرجع عن هذا الأمر من كان يقول به !؟ إنما هي محنة من اللّـه عز وجل امتحن بها خلقه، لو علم أباؤكم وأجدادكم ديناً أصح من هذا لاتبعوه. قال، فقلت: يا سيدي من الخامس من ولد السابع؟ فقال: يا بني عقولكم تصغر عن هذا، وأحلامكم تضيق عن حمله، ولكن إن تعيشوا فسوف تدركونه )([9]).
الإمام الكاظم (ع) يُحدث أولاده وأرحامه عن صاحب هذا الأمر، أي عن القائم (ع)، ويحذرهم من الامتحان الذي يحدث عن فقد الخامس من ولد السابع، ولكن هذه الرواية لا تقول إنه الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين، فهل المقصود منها إذن الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع)؟
لنتساءل الآن : عن أي شئ تصغر عنه عقول أبناء الإمام الكاظم وأرحامه وتضيق عنه أحلامهم؟ هم يسألونه عن الخامس من ولد السابع. فهل معرفة اسم الإمام المهدي محمد بن الحسن (ع) الذي يعرفه القاصي والداني، وذكرته الروايات، وغيبته التي وردت فيها عشرات الروايات، هل هذا هو ما تضيق عن حمله أحلام أبناء الإمام الكاظم وأرحامه وتصغر عنه ؟
لاشك إن بإمكاننا أن نقول أن الأمر يتعلق بشخص آخر ادخره اللّـه ليبتلي به الناس وتكون نتيجة هذا الابتلاء رجوع من كان يقول بأمرهم أي يخرج من ولايته (ع).
لنقرأ الرواية التالية:
بحار الأنوار- العلامة المجلسي :
وعن عبد الرحمان بن أبي ليلى، قال علي (ع) : ( كنت عند النبي (ص) في بيت أم سلمة … الى أن قال (ع): ثم التفت إلينا رسول اللّـه (ص) فقال رافعاً صوته: الحذر إذا فقد الخامس من ولد السابع من ولدي. قال علي: فقلت: يا رسول اللّـه، فما تكون هذه الغيبة ؟ قال: الصمت حتى يأذن اللّـه له بالخروج … )([10]).
إذن هو الخامس من ولد السابع من ولد أمير المؤمنين (ع) وهو أحمد كما سلف القول، والفتنة أو الاختبار ليس هو الغيبتان كما حصل للإمام المهدي (ع)، وإنما هو الصمت حتى يأذن اللّـه له بالخروج. وأحمد هو صاحب الأمر الذي ذكره الإمام الكاظم (ع).
([1]) الملاحم والفتن : ص68.
([2])الغيبة للطوسي : ص 180 – 182.
([3]) الملاحم والفتن : ص 157.
([4])البحر الرائق : ج 2 – ص 288.
([5])الخصال : ص 55 – 56.
([6])من لا يحضره الفقيه : ج 4 – ص 368.
([7]) الفصول المختارة : ص 60.
([8]) كفاية الأثر : 158.
([9]) الكافي : ج1: 336.
([10]) بحار الأنوار : ج36ص335.
…………………………………………………………………………………………………………………………….
( صحيفة الصراط المستقيم – العدد 14 – السنة الثانية – بتاريخ 26-10-2010 م – 18 ذو القعدة 1431 هـ.ق)