الرؤيا في الحديث :
أما الأحاديث فقد ورد منها الكثير، وحسبك أن تراجع كتاب (دار السلام) للميرزا النوري، لتجد الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت . ولا يسعني في هذه العُجالة سوى الاكتفاء بإيراد جملة من الأحاديث كما يأتي:
عن الرضا u ، قال : (حدثني أبي عن جدي عن أبيه، إن رسول الله قال: من رآني في منامه فقد رآني، لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي، ولا صورة أحد من أوصيائي، ولا في صورة أحد من شيعتهم. وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة )[ دار السلام : ج4: 272]. ينص هذا الحديث على أن الشيطان لا يتمثل بصورة أحد من أهل البيت ، الأمر الذي يُسقط اعتراض المعاندين، إذ إن القول بعدم حجية الرؤيا يقتضي بالضرورة القول بقدرة الشيطان على التمثل بصورهم. ومع عدم قدرته على التمثل بصورهم، يتضح إن الرؤيا من الله تعالى، وهذا ما دلت عليه كثير من الروايات الواردة عن أهل البيت . فعن رسول الله :(لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قيل يارسول الله، وما المبشرات؟ قال: الرؤيا الصالحة )[ بحار الأنوار : ج58: 193].
فالرؤيا بحسب هذه الرواية من سنخ النبوة، والنبوة لا أظن أحداً لا يقول بحجيتها. وعن الصادق u : (رأي ورؤيا المؤمن في آخر الزمان على سبعين جزء من أجزاء النبوة )[ دار السلام : ج1: 18]. ومعنى هذا أن الرؤيا وحي من الله (عز وجل). والمعلوم بالبديهة أن ما يسري على الكل يسري على الجزء حتما “، علما ” أن وصف الرؤى بالمبشرات يستلزم أن تكون لها حقيقة خارجية واقعية تبشر بها وإلا فإن التبشير بالوهم لا يعده العقلاء تبشيرا”، فإن عدم كونها حجة يعني إنها لا تكشف عن واقع خارجي، أو حقيقة خارجية، وإذا لم يكن ثمة واقع خارجي تكشف عنه الرؤيا، أو تبشر به، فهي وهم لا طائل وراءه .
وفي كتاب الغايات لجعفر بن أحمد القمي ، قال رسول الله : (خياركم أولوا النهى. قيل: يارسول الله ، ومن هم أولوا النهى؟ فقال : أولوا النهى أولوا الأحلام الصادقة) . سبحان الله ، أصحاب الرؤى هم خيار المسلمين ، ومع ذلك يسخر المنكوسون منا قائلين : بسبب رؤيا تؤمنون بأحمد الحسن ؟ نقول : نعم ونحمد الله على نعمة الإيمان .
عن رسول الله : ( رؤيا المؤمن تجري مجرى كلام تكلم به الرب عنده )[ بحار الأنوار : ج58 ص 311].
أقول هل إن كلام الرب حجة على العبد المؤمن أم لا0
وعن الصادق u : ( إذا كان العبد على معصية الله عز وجل وأراد الله به خيرا ” أراه في منامه رؤيا تروعه فينزجــر بها عن تلك المعصيـة ، وإن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة )[ الاختصاص : للمفيد ص 343].
وعن رسول الله في قوله تعالى : ﴿لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا﴾ قال : ( هي الرؤيا الصالحة يراها المؤمن لنفسه أو ترى له ، وهو كلام يكلم به ربك عبده في المنام )[ بحار الأنوار : ج58 ص 175، 194]. أقول إن قوله : ( أو ترى له ) دليل على أن حجية الرؤيا تتعدى الرائي إلى السامع.
عن الرضا عليه السلام :-
( أنه قال له رجل من أهل خراسان : يا ابن رسول الله رأيت رسول الله ( ص ) في المنام كأنه يقول لي كيف أنتم إذا دفن في أرضكم بضعتي واستحفظتم وديعتي وغيب في ثراكم نجمي ؟ ! . فقال له الرضا (عليه السلام) : أنا المدفون في أرضكم وأنا بضعة نبيكم فانا الوديعة والنجم ، ألا ومن زارني وهو يعرف ما اوجب الله تبارك وتعالى من حقي وطاعتي فانا وآبائي شفعاؤه يوم القيامة ، ومن كنا شفعاءه نجى ولو كان عليه مثل وزر الثقلين الجن والإنس ، ولقد حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن آبائه أن رسول الله ( ص ) قال : من رآني في منامه فقد رآني لأن الشيطان لا يتمثل في صورتي ولا في صورة أحد من أوصيائي ، ولا في صورة أحد من شيعتهم . وأن الرؤيا الصادقة جزء من سبعين جزء من النبوة ) .
وعن النبي قال : إذا اقترب الزمان لم تكن رؤيا المسلم تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثا ورؤيا المؤمن جزء من خمسة وأربعين جزءا من النبوة ) .
وعنهم :( أن رؤيا المؤمن صحيحة لان نفسه طيبة ، ويقينه صحيح ، وتخرج فتتلقى من الملائكة ، فهي وحي من الله العزيز الجبار) .
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : خياركم أولو النهى، قيل يا رسول الله، ومن أولوا النهى ؟ فقال: أولو النهى، اولو الأحلام الصادقة .
قال رسول الله : ( مَن رآني فقد رأى الحَقَّ ).
علاقة الرؤيا بالقائم u :
عن النبي قال : ( إذا تقارب الزمان لم تكد رؤيا المؤمن تكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ). وعنه : ( إذا كان آخر الزمان لم يكد رؤيا المؤمن يكذب ، وأصدقهم رؤيا أصدقهم حديثا ) .
وعن عبدالله بن عجلان ، قال : (ذكرنا خروج القائم u عند أبي عبدالله u ، فقلت : كيف لنا نعلم ذلك؟ فقال u: يصبح أحدكم وتحت رأسه صحيفة عليها مكتوب: طاعة معروفة، اسمعوا وأطيعوا)[ كمال الدين: 654].
من هذه الرواية يتضح أن من أهم الطرق للعلم بالقائم هو الرؤيا، وهذا معنى الصحيفة التي يجدها الإنسان تحت رأسه. وعن البيزنطي ، قال : (سألت الرضا u عن مسألة الرؤيا، فأمسك، ثم قال: إنا لو أعطيناكم ما تريدون لكان شراً لكم، وأُخذ برقبة صاحب هذا الأمر )[ بحار الأنوار : ج25: 110]. في هذا الحديث يربط الإمام الرضا u بين الرؤيا وصاحب الأمر، و ينص صراحة على أن معرفة كل أسرار الرؤيا ينتج عنها الأخذ برقبة صاحب الأمر. فكيف لا تكون حجة؟
وعن أبي بكر الحضرمي قال : دخلت أنا وأبان على أبي عبد الله عليه السلام وذلك حين ظهرت الرايات السود بخراسان ، فقلنا ما ترى ؟ فقال : اجلسوا في بيوتكم ! فإذا رأيتمونا قد اجتمعنا على رجل فانهدوا إلينا بالسلاح .
قال تعالى : ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾، ورد في الروايات عنهم (انه الحق ) أي : قيام القائم .
والآيات التي يرونها في الآفاق ، وفي أنفسهم هي كما ورد عنهم :- في الآفاق : (الفتن والقذف من السماء) وفي أنفسهم : (المسخ) .
وأيضاَ الآيات في الآفاق الملكوتية ، أي في آفاق السماوات ، وفي أنفسهم بـ(الرؤيا والكشف) ، فيريهم الله آياته الملكوتية ، حتى يتبيّن لهم انه الحق ، أي خروج القائم .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 5/سنة 2 في 24/08/2010 – 13 رمضان 1431هـ ق)