زاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

الأصول الرجالية في الميزان / القسم السادس

6– كتاب رجال ابن الغضائري:
قد يعتبر بعض العلماء رجال ابن الغضائري على انه من الاصول الرجالية، والغضائري هو من مشايخ النجاشي، وابن الغضائري من معاصري النجاشي ويعتمد عليه النجاشي احيانا في رجاله.
وهذا الكتاب يسمى ( رجال الغضائري ) او ( رجال ابن الغضائري ) وقد يسمى ) كتاب الضعفاء ). ومنهم من نسبه الى الغضائري الاب ومنهم من نسبه الى ابنه احمد بن الحسين بن عبيد الله الغضائري.
وقد تقدمت الإشارة إلى أن هذا الكتاب أصلاً لم تثبت نسبته إلى مؤلفه وبعض النقاد جزم بأنه موضوع من قبل بعض أعداء المذهب للطعن في صحابة أهل البيت (ع) وتوهينهم.
فقد نص الشيخ الطوسي ( رحمه الله تعالى ) على أن كتاب ( رجال ابن الغضائري ) قد تلف قبل أن يستنسخه احد. فمن أين جيء الآن بهذا الكتاب وكيف نسبوه إلى ابن الغضائري ( رحمه الله تعالى ) ؟
وهذا نص كلام الشيخ الطوسي:
( ولم أجد أحداً استوفى ذلك ولا ذكر أكثره ، بل كل منهم كان غرضه أن يذكر ما اختص بروايته وأحاطت به خزانته من الكتب ، ولم يتعرض أحد منهم باستيفاء جميعه إلا ما قصده أبو الحسين أحمد بن الحسين بن عبيد الله رحمه الله ، فإنه عمل كتابين ، أحدهما ذكر فيه المصنفات ، والآخر ذكر فيه الأصول ، واستوفاهما على مبلغ ما وجده وقدر عليه ، غير أن هذين الكتابين لم ينسخهما أحد من أصحابنا واخترم هو رحمه الله ، وعمد بعض ورثته إلى إهلاك هذين الكتابين وغيرهما من الكتب – على ما حكي بعضهم عنه ) الفهرست ص 31 – 32.
وقد صرح صاحب الذريعة آقا بزرك الطهراني بأن كتاب ابن الغضائري موضوع، وهذا نص كلامه:
(وبالجملة لم يعلم بما جرى على كتاب الضعفاء الذي وجده ابن طاوس بعده ، إلى أن استخرج المولى عبد الله التستري المتوفى عن نسخة ” حل الاشكال ” الممزقة المقالات المنسوبة إلى أبى الغضائري ، ودونها مستقلة وذكر ذلك في ديباجته وأدخلها القهپائي تلميذ المولى عبد الله في طي تراجم كتابه ” مجمع الرجال ” وأورد ديباجته بعينها في كتابه المؤلف الموجود عندنا بخطه . وقد ذكرنا في ( ج 4 ص 290 ) ان نسبة كتاب الضعفاء هذا إلى ابن الغضائري المشهور الذي هو من شيوخ الطائفة ومن مشايخ الشيخ النجاشي اجحاف في حقه عظيم وهو أجل من أن يقتحم في هتك أساطين الدين حتى لا يفلت من جرحه أحد من هؤلاء المشاهير بالتقوى والعفاف والصلاح ، فالظاهر أن المؤلف لهذا الكتاب كان من المعاندين لكبراء الشيعة وكان يريد الوقيعة فيهم بكل حيلة ووجه ، فألف هذا الكتاب وادرج فيه بعض مقالات ابن الغضائري تمويها ليقبل عنه جميع ما أراد اثباته من الوقايع والقبايح والله أعلم . وقد أومى إلى ذلك السيد بن طاوس في تأسيسه القاعدة الكلية في الجرح والتعديل . بان الجرح لو كان معارضا يسقط بالمعارضة ، ولو لم يكن له معارض فالسكون والاطمينان به مرجوح ، بخلاف المدح الغير المعارض فان السكون إليه راجح . . وقد بيناه في ( ج 4 ص 288 س 31 ) ولكون هذه القاعدة مرتكزة في الأذهان جرت سيرة الأصحاب على عدم الاعتناء بتضعيفات كتاب الضعفاء على فرض معلومية مؤلفه ، فضلا على أنه مجهول المؤلف ، فكيف يسكن إلى جرحه ) الذريعة ج 10 ص 89.
وقد فصل المحقق الخوئي الكلام حول كتاب ابن الغضائري، وهذا نص كلامه:
( … وكذلك كتاب رجال ابن الغضائري . فإنه لم يثبت عند المتأخرين ، وقد ذكره ابن طاووس عند ذكره طرقه إلى الأصول الرجالية أنه لا طريق له إلى هذا الكتاب . وأما العلامة ابن داود والمولى القهبائي فإنهم وإن كانوا يحكون عن هذا الكتاب كثيرا إلا أنهم لم يذكروا إليه طريقا . ومن المطمأن به عدم وجود طريق لهم إليه .
وهذا العلامة قد ذكر في إجازته الكبيرة أسماء الكتب التي له طريق إليها ، حتى أنه – مضافا إلى ما ذكره من كتب أصحابنا المتقدمين على الشيخ والمتأخرين عنه – ذكر شيئا كثيرا من كتب العامة في الحديث والفقه والأدب وغير ذلك . ومع ذلك فلم يذكر رجال ابن الغضائري في ما ذكره من الكتب . وهذا كاشف عن أنه لم يكن له طريق إليه ، وإلا لكان هذا أولى بالذكر من أكثر ما ذكره في تلك الإجازة .
نعم إن الشهيد الثاني في إجازته المتقدمة ، والآغا حسين الخونساري في إجازته لتلميذه الأمير ذي الفقار ذكرا كتاب الرجال للحسين بن عبيد الله بن الغضائري في ضمن الكتب التي ذكرا طريقهما إليها .
فربما يستظهر من ذلك أن كتاب الرجال للحسين بن عبيد الله قد وصل إليهما وكان عندهما ، ولكن واقع الامر على خلاف ذلك ، فإن الشهيد قدس سره يذكر في طريقه إلى هذا الكتاب العلامة ، وأنه يروي هذا الكتاب بطريق العلامة إليه . وقد عرفت أن المطمأن به أن العلامة لا طريق له إلى هذا الكتاب .
هذا ، مضافا إلى أن الشهيد يوصل طريقه إلى النجاشي عن الحسين بن عبيد الله الغضائري وهذا على خلاف الواقع ، فإن الحسين بن عبيد الله شيخ النجاشي ، وتعرض النجاشي لترجمته وذكر كتبه ولم يذكر فيها كتاب الرجال ، بل لم ينقل عنه في مجموع كتابه شيئا يستشعر منه أن له كتاب الرجال ، وكذلك الشيخ يروي عن الحسين بن عبيد الله كثيرا ، ولم ينسب إليه كتاب الرجال ، ولا ما يستشعر منه وجود كتاب له في الرجال .
والمتحصل : أن ما ذكره الشهيد الثاني من وجود طريق له إلى كتاب الحسين ابن عبيد الله فيه سهو بين . وبذلك يظهر الحال في طريق الآغا حسين الخونساري ، فإن طريقه هو طريق الشهيد الثاني . ويروي ما ذكره من الكتب بطريقه إلى الشهيد قدس سره .
هذا حال كتاب الكشي ، وكتاب ابن الغضائري المعدودين من الأصول الرجالية . وأما باقي الكتب الرجالية المعروفة في عصر الشيخ والنجاشي فلم يبق منها عين ولا أثر في عصر المتأخرين ) معجم رجال الحديث – السيد الخوئي – ج 1 – ص 43 – 45.
وقال في مقام آخر:  ( وأما الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري فهو لم يثبت ، ولم يتعرض له العلامة في إجازاته ، وذكر طرقه إلى الكتب ، بل إن وجود هذا الكتاب في زمان النجاشي والشيخ أيضا مشكوك فيه ، فإن النجاشي لم يتعرض له ، مع أنه – قدس سره – بصدد بيان الكتب التي صنفها الامامية ، حتى إنه يذكر ما لم يره من الكتب ، وإنما سمعه من غيره أو رآه في كتابه ، فكيف لا يذكر كتاب شيخه الحسين بن عبيد الله أو ابنه أحمد وقد تعرض – قدس سره – لترجمة الحسين بن عبيد الله وذكر كتبه ، ولم يذكر فيها كتاب الرجال ، كما أنه حكى عن أحمد بن الحسين في عدة موارد ، ولم يذكر أن له كتاب الرجال . نعم إن الشيخ تعرض في مقدمة فهرسته أن أحمد بن الحسين كان له كتابان ، ذكر في أحدهما المصنفات وفي الآخر الأصول ، ومدحهما غير أنه ذكر عن بعضهم أن بعض ورثته أتلفهما ولم ينسخهما أحد .
والمتحصل من ذلك : أن الكتاب المنسوب إلى ابن الغضائري لم يثبت بل جزم بعضهم بأنه موضوع ، وضعه بعض المخالفين ونسبه إلى ابن الغضائري .
ومما يؤكد عدم صحة نسبة هذا الكتاب إلى ابن الغضائري : أن النجاشي ذكر في ترجمة الخيبري عن ابن الغضائري أنه ضعيف في مذهبه ولكن في الكتاب المنسوب إليه أنه ضعيف الحديث غالي المذهب ، فلو صح هذا الكتاب لذكر النجاشي ما هو الموجود أيضا ، بل إن الاختلاف في النقل عن هذا الكتاب ، كما في ترجمة صالح بن عقبة بن قيس وغيرها يؤيد عدم ثبوته ، بل توجد في عدة موارد ترجمة شخص في نسخة ولا توجد في نسخة أخرى ، إلى غير ذلك من المؤيدات .
والعمدة : هو قصور المقتضي ، وعدم ثبوت هذا الكتاب في نفسه ، وإن كان يظهر من العلامة في الخلاصة أنه يعتمد على هذا الكتاب ويرتضيه . وقد تقدم عن الشهيد الثاني ، والآغا حسين الخونساري ذكر هذا الكتاب في إجازتيهما ، ونسبته إلى الحسين بن عبيد الله الغضائري ، لكنك قد عرفت أن هذا خلاف الواقع ، فراجع ) معجم رجال الحديث ج 1 ص 95 – 96.
وبعد هذا لا يمكن الركون إلى هذا الكتاب أبداً ولا يعتمد على ما ورد فيه من جرح وتعديل للرواة، وقد ملئ هذا الكتاب ذماً للرواة من أوله إلى آخره ونسبة التوثيق فيه قليلة، حتى سمي بالطعان !!!

في القسم الأخير من هذا البحث نجمل لكم نتيجة ما تقدم في أقسام البحث.

(صحيفة الصراط المستقيم ـ العدد 42 بتاريخ 7 جمادى الثانية 1432 هـ الموافق ل 10/05/2011 م)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى