زاوية الدعوة اليمانيةزاوية العقائد الدينيةعقائد الشيعة

الأصول الرجالية في الميزان-القسم الرابع

4– رجال الشيخ الطوسي:
ومؤلفه هو ابو جعفر محمد بن الحسن الطوسي، المولود سنة 385 هـ والمتوفي سنة 460 هـ، وجلالته اشهر من ان تذكر.
ويسجل على هذا الكتاب عدة نقاط:
النقطة الاولى :
كل النقاط التي ذكرتها حول كتاب رجال النجاشي تنطبق على كتاب رجال الطوسي عموما، ما عدا النقطة الاولى.

النقطة الثانية:
قد ذكر الشيخ الطوسي في كتاب الرجال الرواة الذين عاصروا او رووا عن الرسول محمد (ص) او عن احد من الائمة ، وحسب الطبقات، وايضا ذكر في نهاية كتابه فصلا عن الذين لم يرووا عن المعصومين (ع )
والان نأتي الى عدد الذين عاصروا او رووا عن المعصومين، لنرى كم هم الذين بين حالهم الشيخ الطوسي وكم هم الذين اهملهم ولم يبين حالهم من حيث الوثاقة او الضعف:
عدد هؤلاء هو (5919 ( حسب ترقيم تسلسل الكتاب، وقد تتبعتهم بالدقة، وهم كالتالي:
عدد الذين وثقهم   138.
عدد الذين مدحهم   63.
عدد الذين يستفاد ضعفهم   111.
عدد الذين نص على انهم واقفة = 56.
عدد الذين قال عنهم : ( اسند عنه ) = 331.
عدد الذين ذكرهم بالاسماء او مع الكنى … فقط = 5220.
وبالنسبة الى الذين قال عنهم: ( اسند عنه )، فقد اختلف العلماء في معنى هذه الجملة، فهل هي بصيغة المبني للمعلوم – أي بفتح الالف – ام هي بصيغة المبني للمجهول – أي بضم الالف – وهل تفيد المدح ام لا ؟ والكلام طويل تجده في مظانه منها معجم رجال الحديث للمحقق الخوئي.
والمتحصل انها لا يمكن ان يجزم بانها تفيد المدح ، فلا فائدة منها اصلا، حسب منهج القوم.
اذن فيبقى عندنا فقط الذين وثقهم الشيخ الطوسي او مدحهم او ضعفهم وهم فقط ( 368 ) راو، وربما اكثرهم مشهورين الوثاقة او الضعف، وقد ذكرهم النجاشي وغيره.
ولو طرحنا ( 368 ) من مجموع الذين رووا عن المعصومين المذكورين في رجال الطوسي وهم ( 5919 ) لكان الناتج هو ( 5551 ) راو لم ينص عليهم الشيخ الطوسي لا بتوثيق ولا مدح ولا جرح !
وعلى ما تقدم تكاد تكون فائدة هذا الكتاب معدومة، لقلة من بين حالهم الشيخ الطوسي، واكتفى بذكر اسمائهم فقط، فما اشبه كتاب رجال الشيخ الطوسي برجال البرقي الذي تقدم الكلام عنه وانه لم يتعرض للجرح والتعديل.
واذا قسنا من بيِّن حالهم الشيخ الطوسي في رجاله وهم (368 ) الى ما احصته اخر المستدركات المتاخرة وهو ما يزيد على ( 18000 ) يكون الموقف محرجا ومخجلا جدا لمن يتشدق بحجية علم الرجال وكفايته !!!

النقطة الثالثة:
ذكر الشيخ الطوسي ( رحمه الله ) في مقدمة رجاله بأنه سيذكر من روى عن الرسول (ص) أو عن احد الأئمة (ع) ثم بعد ذلك يذكر من لم يرو عنهم أو من تأخر عن زمانهم، وهذا نص كلامه ص 17: ( أما بعد : فاني قد أجبت إلى ما تكرر سؤال الشيخ الفاضل فيه ، من جمع كتاب يشتمل على أسماء الرجال ، الذين رووا عن رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الأئمة عليهم السلام من بعده إلى زمن القائم عليه السلام ، ثم أذكر بعد ذلك من تأخر زمانه من رواة الحديث أو من عاصرهم ولم يرو عنهم ( انتهى.

ولكن الغريب جداً انه ذكر كثيراً من الرجال في من لم يرو عنهم (ع) مع انه ذكرهم في قسم من روى عنهم )ع)!!!
ولقد ذكر ذلك المحقق الخوئي في معجمه واعتبره تناقضاً، واليك نص كلامه: ( وقد اتفق في غير مورد أن الشيخ ذكر اسما في أصحاب المعصومين عليهم السلام ، وذكره في من لم يرو عنهم أيضا . وفي هذا جمع بين المتناقضين ، إذ كيف يمكن أن يكون شخص واحد أدرك أحد المعصومين عليهم السلام وروى عنه ، ومع ذلك يدرج في من لم يرو عنهم عليهم السلام . وقد ذكر في توجيه ذلك وجوه لا يرجع شئ منها إلى محصل :…… الى ان قال المحقق الخوئي: والتوجيه الصحيح :
أن ذلك قد صدر من الشيخ لأجل الغفلة والنسيان ، فعندما ذكر شخصا في من لم يرو عنهم عليهم السلام غفل عن ذكره في أصحاب المعصومين عليهم السلام ، وإنه روى عنهم بلا واسطة ، فإن الشيخ لكثرة اشتغاله بالتأليف والتدريس كان يكثر عليه الخطأ ، فقد يذكر شخصا واحدا في باب واحد مرتين ، أو يترجم شخصا واحدا في فهرسته مرتين . وأما خطأه في كتابيه التهذيب والاستبصار فكثير ، وستقف على ذلك في ما يأتي إن شاء الله تعالى ( معجم رجال الحديث ج 1 – ص 97 – 99.
وقد احصيت من هذه المواطن على قلة تتبعي ( 51 ) موطناً، اضف الى ذلك تناقض الشيخ الطوسي مع النجاشي وغيره ، بل تناقض الشيخ الطوسي مع نفسه كما في سهل بن زياد، فقد ضعفه في كتاب الفهرست ووثقه في كتاب الرجال !
سهل بن زياد الآدمي الرازي:
فقد قال الطوسي في الفهرست ص140 رقم 339: ( سهل بن زياد الآدمي الرازي يكنى ابا سعيد ضعيف …  ).
وقال في رجاله ( اصحاب الهادي – ع –  ص381 رقم 5699:   سهل بن زياد الآدمي يكنى أبا سعيد، ثقة ، رازي (.
وغير ذلك مما يطول الكلام بذكره.
النقطة الرابعة:
وبسبب ما تقدم وغيره، صرح بعض العلماء بعدم الاعتماد على كتاب الرجال للشيخ الطوسي، منهم:

أ -صرح بعض العلماء بكثرة ما وقع في هذا الكتاب من أوهام، وانه لا يفيد حتى شكاً، فقد نقل أبو الهدى الكلباسي صاحب سماء المقال كلام الفاضل الخاجوئي قائلاً:
(… وأما ما ذكره الفاضل الخاجوئي، في رسالته المعمولة في الكر، وكذا في أوائل أربعينه:   من أن إخباره ( أي الشيخ الطوسي ( بأحوال الرجال، لا يفيد ظناً ولا شكاً في حال من الأحوال، تعليلاً باضطراب كلماته ، حيث أنه يقول في موضع : ( إن الرجل، ثقة ) وفي آخر يقول: ( إنه ضعيف ) كما في سالم بن مكرم الجمال وسهل بن زياد … ) سماء المقال في علم الرجال – أبو الهدى الكلباسي – ج 1 – ص 159 / الرسائل الرجالية – أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي – ج 2 – ص 401.
ب – وكذلك نقل أبي المعالي الكلباسي في رسائله الرجالية كلام نجل صاحب المعالم في الطعن في العلامة الحلي والشيخ الطوسي من حيث كثرة توهمهم في الرجال:
(… كما أنه قد حكم النجل المشار إليه بعدم اعتبار تصحيحات العلامة ؛ تعليلا بكثرة ما وقع له من الأوهام في توثيق الرجال . قال : نعم ، يشكل الحال في توثيق الشيخ؛ لأنه كثير الأوهام أيضاً … ) الرسائل الرجالية – أبي المعالي محمد بن محمد ابراهيم الكلباسي – ج 1 – ص 218.
ج – نقل المحقق الخوئي عن الشيخ فخر الدين الطريحي – المتوفي سنة 1085 هـ – في مشتركاته انه قال: ( ان توثيقات النجاشي او الشيخ يحتمل انها مبنية على الحدس فلا يعتمد عليها ) معجم رجال الحديث للخوئي ج1 ص 42.
د – وقال الشيخ جعفر السبحاني : ( وكان سيدنا المحقق البروجردي يقول : ” إن كتاب الرجال للشيخ كانت مذكرات له ولم يتوفق لاكماله ، ولأجل ذلك نرى أنه يذكر عدة أسماء ولا يذكر في حقهم شيئا من الوثاقة والضعف ولا الكتاب والرواية ، بل يعدهم من أصحاب الرسول والأئمة فقط ” ) كليات في علم الرجال ص 69.
هـ – وقال الشيخ جعفر السبحاني ايضا: ( يقول المحقق التستري دام ظله : ” إن مسلك الشيخ في رجاله يغاير مسلكه في الفهرس ومسلك النجاشي في فهرسه ، حيث إنه أراد في رجاله استقصاء أصحابهم ومن روى عنهم مؤمنا كان أو منافقا ، إماميا كان أو عاميا ، فعد الخلفاء ومعاوية وعمرو بن العاص ونظراءهم من أصحاب النبي ، وعد زياد بن أبيه وابنه عبيد الله بن زياد من أصحاب أمير المؤمنين ، وعد منصورا الدوانيقي من أصحاب الصادق عليه السلام بدون ذكر شئ فيهم ، فالاستناد إليه ما لم يحرز إمامية رجل غير جائز حتى في أصحاب غير النبي وأمير المؤمنين ، فكيف في أصحابهما ؟ ” ) كليات في علم الرجال ص 68 – 69.
وبعد ما تقدم لا يمكن الاعتماد على كتاب رجال الطوسي ، او قل انه بالاصل لا فائدة منه اصلا بالنسبة الى الجرح والتعديل الا نسبة ضئيلة جدا.  في قسم لاحق سنتحدث عن فهرست الشيخ الطوسي بإذن الله تعالى.

(صحيفة الصراط المستقيم ـ العدد 40 بتاريخ 22 جمادى الاول 1432 هـ الموافق ل 26/04/2011 م)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى