نقلنا هذه الستين دليلاً التي سطرها هذا الأزهري رداً على الوهابية لبيان أن هؤلاء قد خالفوا ما أجمعت عليه الأمة من جواز التبرك بالأنبياء والصالحين وبآثارهم.
1- الحجر الأسود لذاته حجر مبارك، أصلُه من الجنة، أُهبط مع ادم عليه السلام، لا يخلق نفعًا ولا ضرًا لأحد، غير أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما قبّله أصبح الناس يقبّلونه في كل شوط في الطواف، وكانوا ومازالوا إذا ما عجزوا عن تقبيله قبّلوا ما يُشيرون به إليه، وإن كان عصًا أو حديدًا أو يدًا.
2- يماثل الحجر الأسود ذات البيت المبارك، أي الكعبة، فهو من حيث ذاته بناء كباقي الأبنية ولكن الله عظّمه: {إنّ أوّل بيتٍ وُضع للنّاس للذي بِبكة مباركًا}(سورة آل عمران) حتى سمت درجته على باقي البيوت، وتميّز على سائر الأمكنة، وصار الناس يطوفون حوله ويتّخذونه قبلة التزامًا بأمر الله.
3- مقام سيدنا إبراهيم عليه السلام هو كذلك حجر أصله من الجنة، أُهبط مع ادم عليه السلام، فيه يظهر قدم إبراهيم عليه السلام في الصخرة الصماء، ولولا أنّ المولى عزّ وجل أمر باتّخاذه مُصلى وعظّمه بقوله: {فيه آيات بيّناتٌ مقامُ إبراهيم} (سورة آل عمران) لما صلّينا خلفه ولا عظّمناه ذلك التعظيم.
فإذا كان هذا في الحجر الذي وقف عليه إبراهيم عليه السلام، فكيف بمكان سجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم؟
4- صلى رسول الله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج في بيت لحم حيث وُلد عيسى عليه السلام. والموضع الذي وُلد فيه النبي محمد أو صلّى فيه وكذلك قبره الشريف أعظم بركة من باب أولى ولا شك.
5- قال الله تعالى: {سبحن الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} (سورة الإسراء).
6- قال الله تعالى: {إنك بالوادِ المُقدّس طوى}(سورة طه)
7- قال الله تعالى: { إن الصفا والمروة من شعائر الله} (سورة البقرة).
8- تعظيم القرءان لشأن عصا موسى عليه السلام.
9- قميص يوسف عليه السلام، قال الله تعالى إخبارًا عن يوسف عليه السلام:
{اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأتِ بصيرًا} إلى قوله: {فلمّا أن جاء البشير ألقاه على وجهه فارتدّ بصيرًا} (سورة يوسف)
فإذا كانت هذه البركة العظيمة والشفاء الكبير ليعقوب عليه السلام حصل بإلقاء قميص سيدنا يوسف عليه السلام على وجهه، لأن هذا القميص مسّ جسد يوسف عليه السلام، فكيف بقميص نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، وما كان من ءاثاره الشريفة، أو شعره المبارك، فهو بلا شك أكبر بركة واعظم فائدة، لأن شعره الشريف خرج من جسده صلى الله عليه وسلم، والنبي صلى الله عليه وسلم كله بركة بلا شك، وهذا دليل من القرءان على حصول الشفاء وذهاب الأمراض الشديدة بآثار الأنبياء والصالحين بإذن الله.
10- تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لقدر ماء زمزم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ماء زمزم لما شُرب له“
وقد أطبقت واجمعت الأمة على جواز التبرك بها،والدعاء عند التبرك بها. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من شذّ شذّ إلى النار” رواه الترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما.
ومما يؤكّد على استجابة الدعاء في الأماكن الفاضلة ما قاله الإمام الحسن البصري رحمه الله في رسالته المشهورة إلى أهل مكة: إن الدعاء يُستجاب هناك في خمسة عشر موضعًا: في الطواف، وعند الملتزم، وتحت الميزاب، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة، وفي السعي، وخلف المقام، وفي عرفة، وفي المزدلفة، وفي مِنى، وعند الجمرات الثلاث.
وقد ذكر الإمام شمس الدين محمد بن محمد الجزري في كتابه ((عدة الحصن الحصين)) أماكن لإجابة الدعاء: عند رؤية الكعبة، وفي المساجد الثلاثة، وفي الطواف، وعند الملتزم، وفي داخلها، وفي البيت، وعند زمزم، وعلى الصفا والمروة، وفي المسعى، وخلف المقام، وفي عرفات، والمزدلفة، ومِنى، وعند الجمرات الثلاث، وعند قبور الأنبياء، وجُرّبت استجابة الدعاء عند قبور الصالحين.
11- قال الحافظ ابن عساكر: ذكر الخطيب بن حملة أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يضع يده اليمنى على القبر الشريف، وأن بلالا رضي الله عنه وضع خدّيه عليه أيضًا.
12- في عمدة القاري شرح صحيح البخاري للعيني: (( وقد رُوينا عن الإمام أحمد أنه غسل قميصًا للشافعي وشرب الماء الذي غسله به، وغذا كان هذا تعظيمه لأهل العلم، فكيف بمقادير الصحابة؟ وكيف بآثار الأنبياء عليهم الصلاة والسلام؟)).
13- قال المحب الطبري: “ويمكن أن يستنبط من تقبيل الحجر واستلام الأركان جواز تقبيل ما في تقبيله تعظيم الله تعالى، فإنه إن لم يرِد فيه خبرٌ بالندب لم يرِد بالكراهة، قال: وقد رأيت بعض تعاليق جدي محمد بن أبي بكر عن الإمام أبي عبد الله محمد ابن أبي الصيف أن بعضهم كان غذا رأى المصاحف قبّلها، وإذا رأى أجزاء الحديث قبّلها، وإذا رأى قبور الصالحين قبّلها، قال: ولا يبعد هذا – والله أعلم – في كل ما فيه تعظيم لله تعالى” ا.هـ.
14- أخرج البخاري في صحيحه بإسناده إلى سهل بن سعد رضي الله عنه قال: “جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ببُردة، فقال سهل للقوم: أتدرون ما البُردة؟ فقال القوم: هي شملة، فقال سهل: هي شملة منسوجة فيها حاشيتها، فقالت المرأة: يا رسول الله أكسوك هذه، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها فلبسها، فرءاها عليه رجل من الصحابة فقال: يا رسول الله ما أحسن هذه فاكسُنيها، فقل: ((نعم)) فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم لامه أصحابه فقالوا: ما أحسنت حين رأيت النبي صلى الله عليه وسلم أخذها محتاجًا إليها ثم سألته إياها، وقد عرفت أنه لا يسأل شيئًا فيمنعه، فقال: رجوت بركتها حين لبسها النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكفن بها.
وقد أخرج البخاري هذا الحديث في الجنائز أيضًا في باب ((من استعد الكفن)) والصحابي هو عبد الرحمن بن عوف، وقيل هو سعد بن أبي وقاص، وكل منهما من العشرة المبشرين بالجنة السابقين في الإسلام.
15- في صحيح مسلم عن عبد الله بن كيسان مولى أسماء بنت أبي بكر قال: أخرجت إلينا جبة طيالسة كسروانية، لها لبنة ديباج وفرجاها مكفوفان بالديباج فقالت: هذه كانت عند عائشة حتى قبضت، فلما قبضت قبضتها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يلبَسُها فنحن نغسلها للمرضى نستشفي بها” ا.هـ.
قال الحافظ النووي في شرحه على صحيح مسلم: وفي هذا الحديث دليلٌ على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم.
16- قال الله تعالى: {وقال لهم نبيّهم إن ءاية ملكه أن يأتيكم التابوت فيه سكينة من ربكم وبقيّة مما ترك ءال موسى وءال هرون تحمله الملائكة إنّ في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين} (سورة البقرة)
كان بنو إسرائيل يحافظون على التابوت، وهو صندوق التوراة المبارك، وكان من خشب وعليه صفائح الذهب، طوله عدّة اذرع بعرض ذراعين، وقيل إنه أُنزل على سيدنا ءادم عليه السلام، فتناقله أولاد ءادم من الأنبياء حتى وصل إلى موسى عليه السلام، فبقي عنده إلى أن مات، وكان من أمر التابوت أن فيه السكينة وهي روح من خلق الله تتكلم، فكانوا إذا اختلفوا في أمر نطقت وحكمت بينهم، وكانوا إذا حضروا القتال قدّموه بين أيديهم فينشرفي قلوبهم سكينة واطمئنانًا، ويبعث في قلوب أعدائهم هلعًا ورعبًا، تحمله من فوقهم الملائكة أثناء العراك، فإذا سمعوا منه صيحة استيقنوا النصر، وكان فيه بالإضافة إلى السكينة طست من ذهب كانت تُغسل فيه قلوب الأنبياء، ولوحان من التوراة وعصا موسى وهارون وثيابهما وعمامتاهما وشيء وشيء من متاعهما، وذكر أمر التابوت الطبريُّ في تاريخه وأكثرُ المفسرين.
17- كان عبد الله بن عرم رضي الله عنهما يمر بشجرة بين مكة والمدينة كان النبي صلى الله عليه وسلم يستظل في ظلها، فيحمل لها الماء من المكان البعيد حتى يصبه تحتها.
18- قال صاحب غاية المنتهى الشيخ مرعي بن يوسف الحنبلي ما نصه: ((ولا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من تُرجى بركته))ا.هـ. وقل الشيخ منصور بن يونس البهوتي الحنبلي في كتابه ((كشّاف القناع عن كتن الإقناع)) في كتاب الجنائز: ((قلت بل قال إبراهيم الحربي: يستحب تقبيل حجرة النبي صلى الله عليه وسلم)). للبحث تتمة .. منقول عن منتدى الأزهريين.
ــــــــــــــــــــــــــ
(صحيفة الصراط المستقيم/عدد 7/سنة 2 في 07/09/2010 – 27 رمضان1431هـ ق)