يحاول العراق حشد المجتمع الدولي لدعمه في الحرب التي أعلنها ضد الإرهاب الذي أغرق البلاد في الفوضى، حيث استفحل نفوذ “داعش” مثل ورم سرطاني، ما يدل على فشل التحالف في تقدير قوة التنظيم.
وناشد وزير الخارجية إبراهيم الجعفري الجمعة 25 سبتمبر/أيلول دول العالم زيادة دعمها للعراق من أجل التصدي لتنظيم “داعش” الذي قال إنه “ينتشر في أكثر من 90 دولة”، وهو ما يفرض تحديا على العالم لا على العراق فحسب.
وفي مقابلة إذاعية، أوضح الجعفري أن العراق بحاجة إلى مشاركة حقيقية من دول العالم في هذا الوقت، مضيفا أن بلاده تتلقى مساعدات ودعما عسكريا لكنه غير قادر على استيعاب حجم المشكلة التي يشكلها “داعش”.
وأشار وزير الخارجية العراقي إلى أن على الدول التي لم تف بالتعهدات التي قطعتها في السابق أن تفعل ذلك قبل فوات الأوان.
جاء تصريح الجعفري بعد مرور سنة على بدء غارات التحالف الدولي على تنظيم “داعش” في العراق، ليؤكد أن واشنطن فشلت في القضاء على التنظيم أو إضعاف قدراته، فلطالما أعلن التحالف عن ضربات جوية طوال شهور، مستهدفا مواقع التنظيم، الا أن ضرباته لم تنجح حتى الآن في إضعافه، إلا في مناطق شمال العراق.
وكانت تقارير إعلامية غربية تحدثت عن ظهور مشكلة كبيرة داخل القيادة المركزية الأمريكية (CENTCOM)، وهي وكالة تابعة لوزارة الدفاع “البنتاغون”، أنيطت بها المتابعة الأمنية في دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، تتمثل في تزييف الاستخبارات الأمريكية تقارير لإظهار نجاح الولايات المتحدة في محاربة “داعش”.
العراق يبحث عن إسناد عربي
في غضون ذلك، ترى بعض القوى السياسية أن ما يعيشه العراق اليوم يدفعه للجوء إلى دول الجوار بحثا عن إسناد عربي لمواجهة الإرهاب، تزامنا مع استضافة بغداد لمؤتمر دولي في الأسابيع المقبلة.
ودعا عمار الحكيم رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في العراق الدول المجاورة إلى دعم بلاد الرافدين في الحرب ضد الإرهاب، معربا عن أمله في استجابتها، معتبرا أن صراعات المنطقة غدت مشكلة إقليمية لا حل لها سوى بتضافر الجهود.
إصلاحات العبادي في صدام مع الإرهاب
منذ أن أطلق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، حزمة إصلاحاته الوطنية بعد احتجاجات في شوارع بغداد مطالبة بتحسين الخدمات الحكومية ومكافحة الفساد، ألغى على أثرها مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء، إلى جانب التقليص الشامل والفوري لطواقم حراسة كل المسؤولين في الدولة، وأتبعها بخفض عدد الوزراء من 33 إلى 22، وإلغاء مناصب المستشارين في الوزارات وتقليص عدد مستشاريه ومستشاري الرئيس ورئيس البرلمان إلى خمسة لكل منهم، منذ ذلك الحين دخل العراق مرحلة التحدي في الموازنة بين الإصلاحات من جهة والحرب على الإرهاب من جهة أخرى، يرى مراقبون أن خيطا رفيعا فقط يفصل بينهما.
ومن أهم الخطوات التي اتخذتها بغداد محاسبة المسؤولين عن خسارة نحو ثلث أراضي البلاد أمام تنظيم “داعش”، حيث وافق البرلمان العراقي على تقرير لجنة التحقيق الذي خلص إلى أن مسؤولين أمنيين وسياسيين كبارا مسؤولون عن سقوط مدينة الموصل ثاني أكبر مدن العراق في يد تنظيم “داعش” في يونيو/حزيران 2014.
من أبرز أسماء المتسببين بسقوط الموصل في قائمة تقرير اللجنة، “رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، ووزير الدفاع السابق بالوكالة سعدون الدليمي، ورئيس أركان الجيش السابق بابكر زيباري ومدير الاستخبارات العسكرية السابق حاتم المكصوصي ومحافظ نينوى السابق أثيل النجيفي”.
بعد سقوط مدينة الموصل بسط التنظيم الوهابي سيطرته خلال فترة وجيزة على محافظة نينوى بالكامل، ووسع رقعة سيطرته في الأنبار وصلاح الدين، لتصبح هذه المناطق معاقله الرئيسة رغم ضربات التحالف المتتالية.
ومما لا شك فيه أن العراق بات يبحث عن أيد جديدة “تنتشله” من مستنقع الفوضى الذي خلقه تنظيم “داعش”، بعد سيطرته على مساحات شاسعة من أراضيه، ليشكك بذلك في الانتصارات الوهمية للتحالف الستيني بغاراته على مواقع التنظيم، ويبدأ رحلة بحث عن شركاء جدد في المنطقة.
المصدر: وكالات