يهيمن الهدوء على المشهد الانتخابي في مدينة السويس المصرية، فيما دفعت السلطات بتعزيزات أمنية انتظارا للانتخابات الرئاسية التي يأمل المواطنون أن تجلب لهم “التنمية والرخاء المنشود”.
قام موفد بي بي سي بجولة في بعض الشوارع الرئيسية بمدينة السويس لاستطلاع آراء الناس بشأن المشاركة في الانتخابات.
وأكد غالبية المواطنين الذين التقاهم موفدنا اعتزامهم المشاركة، بينما قال عدد بسيط إنهم لن يشاركوا لأن “النتيجة معروفة سلفا والأمر لا يعدو كونه تمثيلية”.
سلوى حسين، ربة منزل، كانت تمسك بيد طلفتها وتتجول داخل السوق الشعبي بالمدينة، قالت إنها لا ترغب بالمشاركة لأن “النتيجة محسومة”، وصوتها لن يشكل فارقا. وأضافت أنها كانت تتمنى أن تكمل البلاد المسار الديمقراطي الذي بدأته بعد ثورة يناير/ كانون الثاني 2011.
فقاطعها عدد من الأشخاص كانوا في الجوار بصيحات استهجان واتهموها بأنها “تنتمي” إلى جماعة الإخوان المسلمين.
“فارقونا خربتوا البلاد .. خللي حال البلد ينصلح”، هكذا جاءت كلمات عيد جمعة الموظف البسيط بإدارة الحي الذي كان يمر بالمصادفة ولم تعجبه تصريحات سلوى.
بائع التمر إلى جورانا جاء يحدث جلبة بأصوات “الصاجات” التي يستخدمها لجذب زبائنه؛ مؤكدا أنه سيشارك وكل الحاضرين سيشاركون في هذه الانتخابات التي يتمنون أن تنعكس آثارها بطريقة إيجابية على حال المحافظة التي تنتمي إلى مدن خط القناة على ساحل البحر الأحمر.
“الفقر والبطالة”
ويقول أغلب المواطنين هنا إنهم يعانون من عقود طويلة من التهميش والتجاهل وعدم وجود برامج تنمية حقيقية لإحداث طفرة في معيشة المواطنين الذين يقع غالبيتهم تحت خط الفقر.
وقال محمود كامل، الذي نزح من أسيوط بصعيد مصر ليعمل بأحد مصانع الأسمنت هنا في السويس منذ أكثر من عشر سنوات، إن مرتبه ضئيل وحتى الآن لا يستطيع جمع تكاليف الزواج.
أما سيد فرج، وهو من سكان مدينة السويس، فيقول إنه وأبوه وأجداده لم يحصلوا حتى الآن على جزء ولو بسيط من خيرات السويس التي تذخر بمصافي تكرير النفط وشركات السماد والبتروكيماويات والشواطئ والمنتجعات السياحية.
“السويس خيرها مش ليها”..جاءت كلمات فرج لتلخص وجهة نظر كثيرين من سكان المحافظة الأصليين الذين يقولون إن “الغرباء” يأتون إلى بلدهم للتمتع بخيراتها وفرص العمل بها بينما يعاني أهلها من الفقر والبطالة.
وتدخل محافظة السويس في نطاق سيطرة الجيش الثالث الميداني. وينظر السكان هنا إلى الجيش نظرة فخر واحترام وتعاون مشترك.
وفي المقابل يكن قادة الجيش في السويس مشاعر من التقدير والاحترام والعرفان بالجميل للمحافظة التي تصدت للجيش الإسرائيلي خلال حروب الاستنزاف وحرب أكتوبر، وهو السبب وراء تسمية السويس بـ”المدينة الباسلة”.
“رد الجميل”
وفي إطار محاولات الجيش للحفاظ على صورته الذهنية لدى أبناء السويس، أقامت وحدات عسكرية في مناطق مختلفة من المحافظة عدد من الأكشاك والمحال لبيع منتجات الجيش والفائض لديه من مخزون السكر والأرز والسمن والزيت وغيرها من السلع الغذائية الرئيسية إلى المواطنين بأسعار زهيدة تقل بدرجة كبيرة عن أسعار السوق المحلية.
ويقول قادة الجيش بالمحافظة إن هذا بمثابة “رد الجميل” للمدينة الباسلة وأهلها.
وقال اللواء خليل حرب مدير أمن المحافظة “نحن نقتسم الخبز والملح مع أهالي السويس الكرام”، مؤكدا أن قوات الشرطة أتمت استعداداتها لإجراء الانتخابات في السويس والانفتاح على كل السيناريوهات المحتملة للعنف والفوضي.
ورفض اللواء حرب الحديث عن أي فكرة للمؤامرة أو التهديد من قبل الجماعات الدينية قائلا إن “سكان السويس يتعاونون بشكل مثمر مع قوات الأمن لحماية المحافظة ومنع أي تهديد للمجرى الملاحي الدولي”.
وتقع مدينة السويس على المدخل الجنوبي لقناة السويس، أحد أبرز الممرات الملاحية في العالم. لذا فقد قامت قوات البحرية بتسيير دوريات على مدار الساعة داخل المجرى الملاحي لمتابعة الحالة الأمنية، فيما تحلق الطائرات المروحية بصورة مكثفة في سماء المنطقة.
وقبل ساعات قليلة من بدء العملية الانتخابية ثارت شكاوى من تأخر وصول التصاريح اللازمة لعمل المراقبين المحليين.
وقالت أمينة جمعة عياد، التي تعمل لصالح المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إن هذه هي السابقة الأولى التي لا يتم فيها إصدار تصاريح لممثلي المنظمة التي تراقب الاستحقاقات الانتخابية في السويس منذ عام 2005.
يذكر أن تأخر وصول تلك التصاريح أو عدم وصولها من الأساس رغم قيام المندوبين بتسجيل أنفسهم على موقع اللجنة العليا للانتخابات كما تقتضي الإجراءات – عادة ما يواجه المراقبين المحليين للانتخابات.