أخبار سياسية منوعة

المالكي يمد يده في جحر الأفعى البعثي

تساؤلات كثيرة يثيرها ما أشيع عن نية المالكي في التصالح مع البعثيين من جماعة الطاغية
صدام، فهل حقاً يعي المالكي ما يفعل ، وهل يملك ضمانات تجعله يطمئن لعودتهم مواطنين
صالحين كما يفترض ، أم إن ما يدفع المالكي هو الاستعجال الأمريكي في تصفية الملف
العراقي ، وهاجس المغالبة الذي بات يميز سلوكه السياسي؟

إن خطوات متناقضة لا يمكن تسميتها بشيء آخر غير التخبط ، والمالكي الذي يحاول تقمص دور
بطل الوحدة الوطنية يبدو أنه يطل على مرايا الخيال الجميل أكثر بكثير من التفاته لمواضع
قدميه .
إن عودة البعثيين تعني بالدرجة الأولى عودة الجيش العراقي السابق بعقيدته ذات الجوهر
الطائفي البعيد كل البعد عن الوطنية ، مضافاً إليها سنوات ليست بالقليلة من الإذلال
والتفكير المتواصل في الانتقام ، فالبعثيون اليوم لا يحتملون الحياة المنغصة التي
يعيشونها في المنفى بفضل الحصة التموينية والرواتب التي تصلهم من طريق منظمات الأمم
المتحدة ، وإنما بفعل أمل العودة المظفرة الذي تغذيه في نفوسهم دول عربية معروفة ،
فالبعثيون ? في سوريا على وجه التحديد ? يمارسون عاداتهم القديمة نفسها ، فلهم فرقهم
ومنظماتهم وحراساتهم الدورية ، وما زالوا كما كانوا رفاقاً يجيدون كتابة التقارير ،
وأهم ما يفكرون به هو العودة إلى الداخل فور خروج المحتل الأمريكي ليعيدوا تنظيم صفوفهم
هناك وينشطوا خلاياهم للقضاء على عملاء إيران القادمين على ظهور الدبابات . ولهذا الصدد
أعد البعثيون عدتهم مسبقاً فقد أدخلوا رجالهم في الكثير من مفاصل الدولة ، ولاسيما في
خط المخابرات التي أنشأها الأمريكان ، فالشهواني شكل جهازه غير المرتبط بالحكومة عبر
إعادة خطين مهمين من خطوط مخابرات صدام هما الخط الذي كان يعمل في سوريا والخط الذي
كانت مهمته العمل في إيران ( كشف الإيرانيون مؤخراً بعض خلايا هذا الخط التي كانت
مهمتها تنشيط عمل الأهوازيين المناهض للنظام الإيراني ) .
على أية حال لابد أن يلاحظ المالكي أن عودة الجيش السابق يتناقض كلياً مع وجود الصحوات
العشائرية ، وإذا كان يفكر بتقوية مركزية الدولة فإن خطوته هذه قد تأتي بنتائج عكسية
كلياً ، فالصحوات التي تبدو اليوم دون أفق فكري يحدد توجهاتها سرعان ما ستجد في فكر
البعث واجهة مناسبة لتحركها ، فالبعث يعني بالمحصلة الأخيرة القوة المقابلة الأساس
وربما الوحيدة للطائفيين الصفويين والإسلاميين ذوي الميول الإقصائية ( أليس كذلك ؟ ) ،
وهذا التحالف المتوقع بين الصحوات والبعثيين سترجحه أمور كثيرة منها أنه الحل المناسب
للتعارض المشار إليه آنفاً ، وبهذا ستوفر الصحوات للبعثيين القاعدة الجماهيرية الضرورية
، ويوفر لها البعث وجيشه القوة اللازمة لتحقيق المكاسب السياسية .
ستكون عودة البعث إذن ? تحت أي مسمى كانت هذه العودة ? بنظر الأكراد وحزب الحكيم على
الأقل تقوية لفصيل عراقي معين تثير المخاوف والهواجس وتؤدي بالنتيجة إلى الذهاب إلى
الطرف الأقصى المقابل .
أليس الأحرى بالمالكي أن يرتب بيته جيداً قبل فتح النوافذ بطريقة غير مسؤولة قد تطيح
بجدرانه ، أليس الأولى به أن يعيد النظر في أجهزة الدولة التي تتنازعها الولاءات
للأحزاب ، والجهات الأجنبية قبل أن يضيف خرقاً جديداً لثوب متهرئ ؟
إذا كان المالكي يعتقد أن نتائج الانتخابات الأخيرة قد منحته ضوء أخضر للإقدام على
خطوته هذه فلربما يكون واهماً جداً ، إذ سرعان ما سيستغل خصومه خطوته هذه للإجهاز عليه
في الانتخابات المقبلة بذريعة تحالفه مع البعثيين . وأخيراً ترى ما عسى يكون رأي
الصدريين حلفاء المالكي في مجالس المحافظات من هذه المصالحة ؟ هل ضمن المالكي موافقتهم
أم إنه لم يعد يعرف ما يفعل في حمئة الغرور التي دخلته ؟

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى