زاوية العقائد الدينيةعقائد السنة

حديث الولاية ( أنت ولي كل مؤمن بعدي )

ورد في مسند أبي داود الطيالسي: 360 رقم 2752 ـ دار المعرفة ـ بيروت، وفي مستدرك للحاكم 3/134، وفي مسند أحمد 1/545 ذيل حديث 3052، عن ابن عباس: “أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي” وهذا لفظ أبي داود الطيالسي في مسنده، أما في مستدرك الحاكم: “أنت وليّ كلّ مؤمن بعدي ومؤمنة”، أما في مسند أحمد: “أنت وليّي في كلّ مؤمن بعدي“. حديث الولاية  ( أنت ولي كل مؤمن بعدي )

وفي روايتهم عن عمران بن حصين وعن بريدة بن الحصيب وردت الرواية بالصورة التالية: “علي منّي وأنا من علي وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي”.

واضح من هذا الحديث أن علياً عليه السلام ولي كل مؤمن بعد رسول الله صلى الله عليه وآله، وكلمة بعدي تسقط ما يزعمونه من أن معنى ولي هو الناصر والمحب.

أمّا سند الرواية عن ابن عباس، الموجود في مسند أحمد، وفي مسند أبي داود الطيالسي، وفي مستدرك الحاكم، وغيرها من الكتب التي هي من أهمّ المصادر، فهو صحيح قطعاً، وقد نصّ على صحّته أيضاً كبار الائمّة: كابن عبد البرّ صاحب الاستيعاب في معرفة الاصحاب 3 / 1092، والمزّي في تحفة الاشراف 5/191 رقم 6316 ـ دار الكتب العلمية ـ بيروت، تهذيب الكمال 20 / 481، والسيوطي، والمتقي وغيرهم [انظر: القول الجلي في مناقب عليّ: 60، جمع الجوامع كما في ترتيب كنز العمال 11 / 32941 ].

أمّا اللفظ الذي يروونه عن عمران بن حصين، فممّن أخرجه وصحّحه: ابن أبي شيبة في المصنّف، وهو شيخ البخاري، فقد روى الحديث في المصنّف وعنه في كنز العمّال ونصّ على صحّته [كنز العمال 11 / 608].

وفي رواية عمران بن الحصين شيء من التفصيل، وهذا لفظ الحديث كما في كنز العمال 13/142 رقم 36444:عن ابن أبي شيبة والطبري عن عمران بن حصين يقول: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سرية ـ قطعة من الجيش ـ واستعمل عليها علياً، فغنموا، فصنع علي شيئاً فأنكروه، وفي لفظ: فأخذ علي من الغنيمة جارية، فتعاقد أربعة من الجيش إذا قدموا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنْ يعلموه، وكانوا إذا قدموا من سفر بدأوا برسول الله، فسلّموا عليه ونظروا إليه ثمّ ينصرفون إلى رحالهم، فلمّا قدمت السريّة سلّموا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقام أحد الأربعة فقال: يا رسول الله ألم تر أنّ عليّاً قد أخذ من الغنيمة جارية، فأعرض عنه رسول الله، ثمّ قام الثاني فقال مثل ذلك، فأعرض عنه رسول الله، ثمّ قام الثالث فقال مثل ذلك، فأعرض عنه، ثمّ قام الرابع فأقبل إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرف الغضب في وجهه فقال: “ما تريدون من علي ؟ ما تريدون من علي ؟ علي منّي وأنا من علي، وعلي وليّ كلّ مؤمن بعدي“.

وقوله صلى الله عليه وآله: ( بعدي )، يفيد هنا معنى البعدية الزمنية والرتبية معاً.

وكذا الحديث في المسند لأحمد بن حنبل وفي آخره: “فأقبل رسول الله على الرابع وقد تغيّر وجهه فقال: دعوا عليّاً، دعوا عليّاً، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي” [مسند أحمد 5/606 رقم 19426].

وفي صحيح الترمذي: فأقبل إليه ـ أي إلى الرابع ـ رسول الله، والغضب يعرف في وجهه فقال: “ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، ما تريدون من علي، إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي“[ سنن الترمذي 5/632 رقم 3712 ـ دار إحياء التراث العربي ـ بيروت].

لكن عند بريدة الخبر الصحيح فلننظر ماذا يروي بريدة بن الحصيب، فإنّه صاحب القضية، وهو الرجل الرابع الذي أقبل إليه رسول الله وقال له كذا وكذا، إلاّ أنّهم لم يذكروا اسمه، إنّه ينقل القصة كاملةً، والراوي عنه ولده عبدالله، يقول بريدة: أرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن جيشين، على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الاخر خالد بن الوليد، قال (صلى الله عليه وسلم): “إذا كان قتال فعلي على الناس كلّهم”، فالتقى الجيشان، وكان علي (عليه السلام) على الجيشين، وكان خالد تحت إمرة علي بأمر من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فافتتح علي حصناً. يقول بريدة: فغنمنا، فخمّس علي الغنائم، وكانت في الخمس جارية حسناء فأخذها عليّ لنفسه، فخرج ورأسه يقطر. يقول بريدة: كنت أبغض عليّاً بغضاً لم أُبغضه أحداً قط، وأحببت خالداً حبّاً لم أُحبّه إلاّ على بغض علي، لانّ خالداً كان يبغض عليّاً، فلمّا أخذ علي الجارية من الخمس، دعا خالد بن الوليد بريدة وقال له: إغتنمها ـ وكلاهما يبغضان عليّاً ـ اغتنمها فأخبر النبي بما صنع. هذا لفظ الطبراني في المعجم الاوسط 6/232 رقم 6085 ـ دار الحديث ـ القاهرة ـ 1417 هـ.

وفي تاريخ دمشق لابن عساكر: فقال خالد بن الوليد: دونك يا بريدة. يقول بريدة: فكتب بذلك خالد بن الوليد إلى النبي (صلى الله عليه وآله)، وأمرني أن أنال منه، وهذا لفظ النسائي أيضاً.

وفي تاريخ دمشق: فكتب معي خالد يقع في علي وأمرني أنْ أنال منه، فأعطى الكتاب بيد بريدة وعبّأ معه ثلاثة [تاريخ ابن عساكر ـ ترجمة الامام علي (عليه السلام) 1/400 رقم 466 ـ مؤسسة المحمودي ـ بيروت].

ويقول بريدة ـ كما في المعجم الاوسط :المعجم الاوسط 5/217 رقم 4842للطبراني وغيره من المصادر ـ: فقدمت المدينة، ودخلت المسجد، ورسول الله في منزله، وناس من أصحابه على بابه، فقالوا: ما أقدمك ؟ قال: جارية أخذها علي من الخمس، فجئت لاُخبر النبي، قالوا: فأخبِره فإنّه يسقطه من عين رسول الله، ورسول الله في البيت يسمع الكلام، هذا لفظ الطبراني.

فخرج رسول الله من بيته، فقام أحد الاربعة فقال: يا رسول الله، ألم تر أنّ عليّاً صنع كذا وكذا، فأعرض عنه النبي، ثمّ قال الثاني ما قال الاوّل، فأعرض عنه رسول الله، ثمّ قام الثالث فقال ما قال، فأعرض عنه رسول الله. يقول بريدة: أعطيته الكتاب، فأخذه بشماله، فطأطأت رأسي، فتكلّمت في علي حتّى فرغت فرفعت رأسي.

ويقول كما في لفظ آخر: وكنت من أشدّ الناس بغضاً لعلي، فوقعت في علي حتّى فرغت فرفعت رأسي.

يقول: فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) غضب غضباً لم أره غضب مثله إلاّ يوم قريظة وبني النضير، فقال: “ماذا تريدون من علي ؟ ماذا تريدون من علي ؟ ماذا تريدون من علي ؟ إنّ عليّاً منّي وأنا من علي، وهو وليّ كلّ مؤمن بعدي“.  

ولابد أن نلاحظ أن البخاري حين نقل الحديث قام بتقطيعه ولم ينقل المضمون المهم فيه [انظر صحيح البخاري5/207 ـ دار إحياء التراث ـ بيروت].

وعلي أي حال صحح هذا الحديث الألباني في سلسلة الاحاديث الصحيحة رقم2223 ج5 ص261.

(صحيفة الصراط المستقيم/ العدد 8/ السنة الثانية/في  14/09/2010-5 شوال1431هـ ق)

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى