أخبار سياسية منوعة

صاحب البرقع

بقلمد. موسى الأنصاري
من بين هذه الخليقة برز ذلك الصبي الذي كانت حركته تنبئ عن دور لا شك في أنه سيوجه الأحداث ويسرع من حركتها

باتجاه غاية هي غير ما أرادها منه أساتذته عندما كانوا يعلمونه فنون القول وفنون الحركة ليجلس في نهاية المطاف 
يتحدث عن تلك الأيام التي اصطاد بها الفتيان وذبحهم بدهاء ومكر أكد فيه نجاح من أعده لتلك المهمة الجنونية بكل تفصيل فيها ، ولقد اصطرع في ساحة الصبي النفسية وجهان أحدهما ؛ سماوي كان يقرأ فيه غضباً مؤجلاً وحبلاً طويلاً !! ومرة قال له ذلك الوجه وهو في عنفوان المكر وفي ساحة ختله : حفظناك فاحفظنا !!!!!!!!! وتلك كانت رسالة السماء له ولكنه قلـّب أوجه الفتية وهم يمرحون على قش الفخ الذي نصبه لهم بإحكام وتدبير من أرسله ، وجعلته نشوته بقراءة وجوه الفتية التي تقترب من فخه رويدا رويدا ، ينسى أمر تلك الرسالة !! بل انقلب في رأسه محتواها فتصور ؛ إن السماء قالت له : حفظتنا فحفظناك ، وعندما نطقها في ساحة النشوة نطقها وهو يسخر من تدبير السماء ؛ كيف انطلت عليها حيلته ومكره وتدبيره وتدبير معلميه الماهرين الذين لم يقصروا بإعداده إعداداً متقناً ليكون سيفاً (باشطاً) بأيديهم ، غير أن الغريب في هذا اللون من التدبير هو أن صاحبه لا يفقه مطلقاً من يحركه!!!!!! 
دخل (….) الحرم الطاهر لواحد من أهل السماء وبكى عنده وشكا له غربته وسأله أن يخبره عن : من يحركه وهو تترآى أمامه صور معلميه على هيأة البقر وراح يردد وهو يبكي (إن البقر تشابه علينا!!!!!!) والسماء تضحك في عينيه وتنث ماءً مالحاً كأنه بطعم مياه البحر الأجاج ، وكلما تذوق الملح على وجنتيه أيقن بمسوخة شكواه فهو دخل هذا البيت ليضحك على السماء فكيف تحول ضحكه بكاءً استنزف بقايا الملح في عينيه ، وفي دمه!!!!
وبينا هو على تلك الحال إذ اقترب منه أحدهم بتودد وسلم عليه ، وسأله ؛ ممن الرجل؟؟ فأجابه وهو يمسح بقايا الملح في وجهه : من حي إبراهيم ، وهو حي معروف عند أهل السماء ، فابتسم بوجهه سائله وكأنه فهم تلك الدلالة فتوجس منه!!! وحاول أن يبتعد …. لقد نصحه آباؤه أن يبتعد عن كل ما يأتيه ويفر منه فرار الأبله!!! وبعد أن يأمن الطلب لابد له من العودة إليه لاحتضانه لأنه مائدته التي سيقدم عليها وجبة سم الآباء إلى فتية الكهف الذين قدم إليهم من وراء التخوم التي فرّ منها أولئك ليعودوا إليها فاتحين!!!
فتبعهم وهو يتبرقع في كل بيت يستضيف غربته ببرقع يتستر فيه قلبه الذي كاد من هول الرحلة يتفلت من أضلاعه ويفضح الدم الماسخ الذي يعطيه دينامية الحركة باتجاه مجهول يحسبه مكراً عالياً لا يقدر عليه إلا هو ومن أعده ، لذا كان يشكو لبيت الطهر ما جاء به ومخافته من أن يفتضح ، ولذلك كان بكاؤه ساخنا وملحه مرائيا يشقق وجنتيه بطعمه ولكنه يخبئ رسمه في الدموع المتساقطة !!!!!!
لقد عوّد حتى بقايا ملحه على التبرقع بالدموع كي لا ينكشف تدبير سادته  ومعلميه ، وما إن جلس إلى جانبه هذا القادم عليه الذي اقتحم عليه خلوته حتى خبأ تلك البقايا بكمه وابتلع نشيجه وكادت أن تخرجه فرحته بالقادم عن جو الحزن الذي ألف تدويره في حدقتيه ، فحيّا أحدهم الآخر وتجاذبا أطراف الغفلة هو بعين مفتوحة وقلب أدهشته سرعة المقادير ، والآخر بعين أفرحها وحي السماء وقلب منشغل بالحرث فلا يأبه بالقادمين أو المغادرين!!!!
بعد لحظات عرف أن هذا هو واحد من أصحاب الكهف الذين أتعبه المعلمون من أجل أن يجعلوه عنكبوتاً ماهراً كي ينسج على أعناقهم خيوط لعبة لزجة ما ظن الفتية أن فقه القلوب الذي تعلموه من رسول السماء سيجعلهم يعانون في الامتحان كتلك المحنة التي جرت عليهم!!! وبعدما أمن العنكبوت أن القوم توسموا به ؛ إنه ربما هذا هو رفيق الحمامة على باب رقيم آخر الفتيان خاصة بعدما سمعوا وحي السماء بآذانهم التي مازال يثقلها نعاس الليلة الفائتة وعليها من طين هذا العالم ما حقق لمعلمي العنكبوت ما كانوا يأملون بعنكبوتهم الذي استطاع أن يدخل كهف الفتيان وجعلهم يظنون أن القادم الجديد سيكون عنصر قوة يرمم ضعف الطين الذي لم يغادروه إلا على حدود اللسان حسب!!! وقرأ العنكبوت فيهم تلك الفرحة التي جعلته يوغل في الغفلة والبعد عن تصور أن السماء لا زالت ترصده بدقة متناهية ولكنها تركته يكمل لعبته من دون أن تكشفها لفتيتها كي يلتف الخيط اللزج على رقبة العنكبوت في النهاية ، ويمتحن الفتية وتمحص قلوبهم لتزداد كشفا ويقظة وقدرة على حمل الأمر الثقيل الذي يعدون أنفسهم لحمله ورعايته .
لقد كانت لعبة مميتة تلك التي لعبها هذا العنكبوت المبرقع !!! ولكن لمن؟؟؟!!! المعلمون توهموا أن عنكبوتهم قد نجحت مهمته بامتياز ، والعنكبوت بعدما قدمه المعلمون وجبة ساخنة على الشاشة الفضية توهم أن مائدة الكبراء صارت بين يديه ولم يدر بخلده ولو للحظة أنه سيكون طبقا من أطباق السهرة الماجنة لأولئك المعلمين الذين أدمنوا بيع رعاياهم وتقديمهم وجبات ساخنة على مائدة الأحداث بعدما يتم لهم ما يريدون ، فكان العنكبوت طبقا غريب الطعم أعدته أيدي الطهاة في مطبخ المكر والدهاء والشيطنة ، ولم يدر هذا العنكبوت الذي مرر خيطه اللزج على رقبته أنه احترق على طاولة لعب أساتذته فكشفوه سريعاً بوصفه لعبتهم التي ذبحت فتية الكهف وطوت صفحتهم وكان خروجه على الشاشة الفضية يعلن عن الفصل الأخير في اللعبة العنكبوتية اللزجة ، حيث وصل بالنهاية مع مقدم البرنامج الذي تحمل مسؤولية كشف اللعبة اللزجة إلى نتيجة مفادها ؛ أن السماء وهم يسكن في رؤوس البلهاء ـ بحسب ما ينظرون ـ ولذلك عصر النبوءات قد مضى وانتهى ولا يعود الزمن إلى الوراء ودولة أبي سفيان ماضية إلى النهاية التي رسمها لها قدرها …….
انتهت اللعبة ولكن بقي العنكبوت ينتظر النهاية على ذات الطريقة التي مات بها (كمون) وهو ينتظر ما يعده له الحكيم من سم بعد أن سقى الحكيم ولم يقتله …. وسقط البرقع عن بغي ولدت صبيا أعدته ليوم يستثمر فيه المولود له الزاني زنيته فيزفه إلى حتفه بطريقة احتفالية غريبة يحضر فيها كل شيء ولد في الظلام ويغيب عنه ما يكشف قباحة الحفل كي يمضي المحتفلون إلى النهاية سكارى حيارى قد ذهب المكر برؤوسهم ولم يبق من نشوة خمرهم إلا رائحة القيء العفنة … وانكفأت كؤوسهم فارغة إلا من مرارة الإحساس بالإفلاس وتحسسوا جيوبهم ومحافظ نسائهم فلم يجدوا ما يسددون به خمر الحفل ولا أجرة عمال النظافة الذين استقدموهم ليرفعوا قذرهم الذي استفرغوه من مخرجيهم !!! فاستسلموا لنوم طويل لا صبح له إلا على شفا ….. وعقلت الشيطنة أقدامهم على النار ولات حين مناص ………..

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى