من له الأهلية في نقد المرجعية ؟ ….سؤال يليق تماماً بكاتب عرائض موهوم بفكرة التخصصات والعوالم المتوازية غير المتقاطعة أبداً ، أو بنفعي يدفعه مستخدمه لنضال غير مشرف .
ويليق بدرجة أكبر بمغفل تضمر كلماته خدعة المقدس التي أقال لها عقله من وظيفته النقدية ليدجنه بوقاً أجوف يردد مزامير المديح الرخيصة .
فكرة التخصص في الدين هذه أسست لها المرجعية لتمارس سلطويتها على الناس دون أن تترك لهم ولو هامشاً للمساءلة ، فهي فكرة قمعية بالضرورة ، وهي بعد ذلك فكرة تتعارض كلياً مع فطرية الدين الإسلامي من جهة ، ومع توفر مصادره بين أيدي الناس من جهة أخرى .
وعلى أية حال إذا كان المقصود من فكرة التخصص أن تبني المرجعية – كما يسمونها – أبراجاً عاجية بعيدة عن الواقع الأرضي المتحرك ، فإننا غير مهتمين كثيراً ببلوغ أبراج الوهم المتعالية هذه ، بل من شأننا أن نجرها لساحة واقعنا الأرضي المتحرك ، وإذا لم تكن هذه المرجعية المزعومة مستعدة للتجاوب مع همومنا ومعاناتنا وآلامنا فما أسعدنا وما أشجعنا ونحن نمرغ كبرياءها المزيفة بلطخات واقعنا الذي لوثته بأكاذيب التخصص والعمالة .
لسنا على استعداد يا حضرة كتاب العرائض لإطالة زمن موتنا يوماً آخر من أجل أن تنعم مرجعيتكم بإغفاءة تخصصاتها الخرافية ، بل لسنا على استعداد بعد اليوم لتأجيل تساؤلاتنا الملحة : هل الموت الذي تنثره الطائرات الأمريكية فوق رؤوسنا وعلى أسطح منازلنا ، هل صولات جنود المرجعية وانتهاكهم الأعراض والحرمات ، هل التمزيق اليومي لقرآننا ببنادق المحتل الكافر ، هل .. هل ، هل كل وجودنا المحترق يجد له يوماً ولو بطريق المصادفة مساحةً في جدول تخصصاتكم غير المزدحم ؟
أية دعوة للموت تستبطنها فكرة تخصصاتكم ، بل أية سماجة ، وأي استهتار بآلامنا يدفعكم الى مقابلة نكد أيامنا بسخافة التخصصات المزعومة ؟
نحن يا حضرة كتاب العرائض نحفر في لحومنا وننشر دمنا على صفحات الورق البيضاء ، نحن نكتب لئن المرارة طفحت على أفواهنا ولم يعد ممكناً لنا السكوت ، بل نرى السكوت مؤامرة وشراكة في القتل – الإنتحار ، فأيامنا يا حضرة كتاب العرائض لا تعرف التخصصات الكثيرة ، فبفضل تخصصات مرجعيتكم أختصت أيامنا بالمرارة وحدها .
هل يمكنكم يا حضرة كتاب العرائض أن تفهموا أننا لسنا موظفين برواتب تخصصية لتطالبونا بالإنصياع لفرمان التخصص ، وهل يمكننا أن نقنعكم وأنتم الطارئون الغرباء بأننا لسنا طارئين ولا غرباء على الفكر والثقافة والتدين كما يحلو لمتخصصوكم أن يروجوا عنا ؟ والله لقد اختبرناكم وخبرناكم ، ولم يعد يخفى عنا منكم شيئاً أبداً ، نعرف جيداً أن تخصصاتكم لا تتعدى الحيض والنفاس وترقيع البكارات ، نعلم جيداً أنكم متخصصون في تركيع الشعوب ، وتمريغ أنوف أهلها ببساطيل جنود المحتل ! أ ليست هذه هي تخصصاتكم ؟
أنتم يا كتاب العرائض لا تفهموننا لأنكم ببساطة جنس آخر لم تعد تعنيه المسؤولية الأخلاقية ، لم يعد يعنيكم ما يعانيه الشعب الذي فصلتكم عنه تخصصاتكم ومخصصاتكم وخصوصياتكم وخصائصكم المستجدة مع دخول قوات الإحتلال ، لم يعد يعنيكم شئ أبداً سوى الدفاع عن التخصصات بأفكار العقل البهلوانية ، أنتم لن تفهموا أننا ندافع عن أنفسنا وندفع الموت ؛ موت الجسد والعقيدة عن مستقبلنا وأطفالنا ، لن تفهموا أبداً كم هو قاسٍ شعور الذل ، وجرح الكرامة الذي تنكأه يومياً سرف الدبابات الأمريكية ، نعم لن تفهموا لأن جلودكم تخصصت بقبول المذلة على بوابات المنطقة الخضراء .
ولن تفهموا أيها المتخصصون بما تسمونه الحيل الشرعية بأننا نفهم الدين روحاً وشعوراً ، مبدأ وكرامة وشرفاً ، وليس كما تفهموه أنتم تجارة وأموالاً تأكلونها سحتاً حراماً ، وأكاذيب تروجون لها بين الناس باسم التخصص .
فلكم تخصصاتكم ولنا شوارعنا الموجَعة ، ولكم مخصصاتكم ولنا رضا الله .