فيما ألمح الساسة العراقيون الى ان ثورة الغضب المصرية وقبلها انتفاضة الياسمين التونسية، الى انها من نتاج التغيير الذي حدث في العراق بتدخل اميركي، الا ان الغضب الشعبي وصل الى العراق، وتحديداً الى محافظة القادسية، التي سقط فيها اليوم خمسة مواطنين بين قتيل وجريح، في تظاهرة احتجاجية على نقص الكهرباء والغذاء، وسط صمت حكومي رسمي مريب.
وبينما اصدر مجلس النواب في جلسته اليوم بياناً يستنكر فيه استخدام العنف ضد المتظاهرين العزل في مصر ودعا الى احترام حقوق الانسان وعدم انتهاكها، فانه تجاهل تماماً ماحدث في قضاء الحمزة التي سقط فيها شهيد من المتظاهرين.
وقال متظاهرون إن “قوات الشرطة قامت بإطلاق النار في الهواء لتفريق عشرات المواطنين من أهالي قضاء الحمزة جنوب الديوانية، ما أدى إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين بجروح”. وقالوا إن “قوات الشرطة اقتادت العشرات من المتظاهرين إلى جهة مجهولة”، مشيرين إلى أن “شباب القضاء سيستمرون في التظاهر يوم غد حتى تستجيب الحكومة المحلية لمطالبهم”.
وبحسب شهود عيان، فإن عدداً من المتظاهرين أحرقوا الإطارات وقطعوا الطريق الرابط بين قضاء الحمزة ومركز محافظة الديوانية لأكثر من أربع ساعات، كما قاموا برمي قوات الشرطة بالحجارة، وحاولوا اقتحام مركز الشرطة ما أدى إلى إلحاق مركبتين بأضرار مادية، الأمر الذي دفع بتلك قوات الشرطة إلى ضرب المتظاهرين بالهراوات، ومن ثم اطلاق النار عليهم.
وحاول الحشد الذي كان يضم نحو الف شخص شق طريقه الى مبنى تابع للمجلس المحلي في قضاء الحمزة مطالبا بتحسين الحصص الغذائية والمزيد من الكهرباء والماء. واتهم المتظاهرون رئيس الوزراء نوري المالكي بالتراجع عن وعوده بتحسين الخدمات.
وقال رعد الزيدي مستشار محافظ الديوانية سالم حسين ان المتظاهرين رشقوا الشرطة بالحجارة وان الشرطة فتحت النار عليهم مما اسفر عن اصابة ثلاثة. وقال انه لم يكن هناك ما يدعو لاطلاق النار . وأضاف انه لا يهم اذا كانوا حاولوا اقتحام المكان او القاء الحجارة.
وذكر شهود ان بعض المتظاهرين حملوا عبوات من الشاي والسكر في حين حمل اخرون فوانيس صغيرة تعمل بالزيت لاظهار نقص السلع الرئيسية والكهرباء.
واقيمت احتجاجات مماثلة في حزيران الماضي في مدينة البصرة حيث فتحت الشرطة النار لتفريق عدة الاف من المتظاهرين الذين كانوا يطالبون باستقالة وزير الكهرباء كريم وحيد. وقتل اثنان من المتظاهرين.
غير ان عضو مجلس المحافظة قال أن إطلاق النار هدف إلى فتح الطريق الرابط بين القضاء والمحافظة والتي أغلقها المتظاهرون، مبيناً أنها “طريق دولية وتربط بين وسط العراق وجنوبه”.
وأضاف داخل صيهود أن “حكومة الديوانية ديمقراطية ولا تمنع أي مظاهرة، شرط أن تكون سلمية ويحترم القائمون عليها النظام العام ويحافظون على الممتلكات”، مشيراً إلى أن “الحكومة المحلية شكلت لجنة للقاء المتظاهرين ومعرفة مطالبهم والتفاوض معهم لتنفيذها”.
يذكر أن محافظة الديوانية تعاني من ضعف الاستثمار على الرغم من وجود هيئة خاصة للاستثمار، إذ إنها لم تشهد حتى الآن تنفيذ أي مشروع استثماري، الأمر الذي أثر بشكل سلبي كبير على حياة المواطنين مما أدى إلى ارتفاع نسبة البطالة.
وجاءت تظاهرة اهالي قضاء الحمزة الشرقي بعد يومين على تظاهرة نظمها الثلاثاء المئات من سكان مدينة الحسينية شمال شرق بغداد احتجاجا على سوء الخدمات وعلى ما وصفوه بتستر المسؤولين عن المفسدين والسارقين. وهدد المتظاهرون على لسان منظم التظاهرة ناصر الكعبي بان “المتظاهرين سيتوجهون الى بغداد بتظاهرة أقوى واعنف في حال عدم التفات الحكومة لمطالبهم بتغيير ومحاسبة المسؤولين الإداريين في مدينتهم”.
يشار الى ان مدينة الحسينية التي تقع على بعد 20 كيلومترا شمال شرق بغداد تسكنها غالبية شيعية وتعد من المناطق الفقيرة.
في غضون ذلك كشفت مصادر سياسية محلية ووجهاء عشائر في محافظات الجنوب والفرات الاوسط، عن تخوف الحكومات المحلية، من تأجج الغضب الشعبي، بسبب انعدام الخدمات الاساسية، وغياب مفردات الحصة التموينية منذ عدة اشهر. وقالت ان هذا التخوف دفعهم الى التحسب، واتخاذ تدابير امنية لمواجهة ما تسميه الحكومات المحلية بـ (التظاهرات المطلبية).
وقالت المصادر ان محافظة ذي قار اعدت خطة أمنية لاحتواء التظاهرات والفعاليات الاحتجاجية المحتملة، مشيرة الى ان الخطة تمت مناقشتها في اجتماع مجلس المحافظة الاخير الذي تم فيه استضافة رؤساء الأجهزة الأمنية والمدير العام لشرطة ذي قار حيث تم عرض الخطة الأمنية المفترض تطبيقها عام 2011 في عموم المحافظة قبل المصادقة عليها من قبل المجلس .
واستبقت الحكمومات المحلية في محافظات الجنوب اية تظاهرات محتملة بشأن النقص الحاد في الطاقة الكهربائية بالاعلان بانها تدرس تقديم دعوى قضائية إلى المحكمة الاتحادية ضد وزارة الكهرباء حول حصصها من التيار الكهربائي.
وبحسب عامر نصر الله رئيس لجنة الطاقة في مجلس ميسان فأن “اجتماعا تشاوريا ستعقده قريبا محافظات البصرة وميسان والناصرية لمطالبة وزارة الكهرباء بتخصيص حصة لتلك المحافظات من الكهرباء ضمن المشاريع الكهربائية التي تمر في اراضيها لتحسين التيار الكهربائي فيها”.
وقال نصر الله أنه “في حالة عدم استجابة الوزارة لمطالب المحافظات الثلاث سترفع دعوى قضائية ضد وزارة الكهرباء في المحكمة الاتحادية للمطالبة بحقوقها وفق القانون”.
935 3 دقائق