الأخبار

“نيويورك تايمز”: الصين تستغل الحجر الصحي لاحتجاز نشطاء حقوق الإنسان بعد إطلاق سراحهم من السجن

كتبت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، أن الصين تستغل أزمة كورونا لتحتجز ناشطي حقوق الإنسان وتمنعهم من التواصل مع العالم الخارجي. وتطرقت لقضية الناشط وانغ تشوانزانغ، أحد أبرز محامي حقوق الإنسان في الصين، الذي ظن في يوم الإفراج عنه، أنه بات حراً، بعد 5 سنوات من السجن بتهمة تقويض السلطة. اصطحبته السلطة إلى مبنى سكن في مدينة جينان الشرقية. هناك، أُعطته غرفة نوافذها مغلقة بقضبان حديدية.بينما وقف 20 من ضباط الشرطة في الخارج، وتمت مصادرة هاتفه المحمول، ثم تم تقييد استخدامه للهاتف ومراقبة نشاطاته. بمعنى آخر، كان وانغ في الواقع قيد الإقامة الجبرية المؤقتة، أما السلطات فسمتها: الحجر الصحي.

الناشط وانغ تشوانزانغ

ويقول نشطاء حقوقيون إن كورونا أعطى السلطات الصينية ذريعة جديدة لاحتجاز المعارضين. وبات الحجر الموجز، الذي غالبًا ما يفرض على المعتقلين بعد أن يتم إخلاء سبيلهم، هي أحدث طريقة لإسكات المعارضين، وهي جزء من حملة أوسع تحت قيادة زعيم الصين شي جين بينغ ، للقضاء على النشاطين من خلال الاعتقالات والاحتجاز وضوابط أكثر صرامة على استخدامهم للإنترنت. وقبل الوباء، كانت الصين قد شنت بالفعل حملة مكثفة على حقوق الإنسان، والتي وصفها العديد من النشطاء بأنها الأكثر عدوانية منذ أعقاب احتجاجات ميدان تيانانمن في عام 1989.
وغالبًا ما يتم اعتقال النشطاء في الحجر الصحي دون علم أسرهم. وقالت فرانسيس إيف، نائبة مدير الأبحاث في منظمة “المدافعين عن حقوق الإنسان الصينيين”، إنه عادة “لا يُسمح لهم بالاتصال بالعالم الخارجي، ويحتجزونهم في مكان سري ولا يُتاح لهم خيار العزل الذاتي في المنزل”. وتابعت: “هذه المعاملة هي في الواقع اختفاء قسري”. على الرغم من أن الحجر الصحي لمدة أسبوعين شائع في آسيا بالنسبة للمسافرين العائدين، وتعتبر السجون “نقاط ساخنة” لانتقال فيروس كورونا، إلا أن تفاصيل حالة وانغ تشير إلى أنه لم يتم احتجازه فقط لأسباب تتعلق بالصحة العامة.
وعندما أجبر على دخول الحجر الصحي لمدة أسبوعين في أبريل ، كان التفشي قد تم ترويضه بالفعل في جينان، وكان الناس أحرارًا في التنقل في المدينة والعودة إلى العمل. وقال وانغ إنه قام باختبارات للفيروس 5 مرات في السجن وكانت نتيجتها سلبية، كما أنه أنهى الحجر الصحي لمدة 14 يومًا قبل موعد إطلاق سراحه.
“إن الصين كلها تتحدث الآن عن الوقاية من الأوبئة” بحسب وانغ الذي ظل في السجن لمدة ثلاث سنوات حتى قبل أن يتم توجيه الاتهام إليه، والذي كان من بين مئات المحامين العاملين في مجال حقوق الإنسان الذين حكم عليهم بعد اعتقالهم في عام 2015. وقال: “تحت هذا الشعار الكبير، يمكن انتهاك الحرية الشخصية ولا يمكنك قول أي شيء”.
وقال ياكيو وانغ، الباحث الصيني في “هيومن رايتس ووتش”، إن الوباء أعطى الحكومة ذريعة لتقييد الحركة حتى “تبرر انتهاك حقوق الإنسان “. وقالت السيدة وانغ: “من الواضح أن هؤلاء الأشخاص ليسوا في حالة تتطلب الحجر الصحي”. “حجرهم لا يقوم على أسباب طبية وعلمية، بل هي مجرد عذر تستخدمه الحكومة لتقييد تحركاتهم وقمع خطابهم.”
وقالت إيف إن مجموعتها الحقوقية وثّقت 9 حالات لنشطاء أُفرج عنهم مؤخراً من السجن ثم احتُجزوا في الحجر الصحي، لكنها أضافت أن “هناك على الأرجح المزيد من الحالات”. وتقول المجموعة إن من بين المعتقلين قسرا في الحجر الصحي، “صحافي مواطن” حاول نشر الوعي حول تفشي الفيروس في مدينة ووهان، و 5 من نشطاء حقوق العمّال؛ وعامل مسرّح، حث في مقابلة مع إحدى وكالات الأنباء الأجنبية، الناس على حمل السلاح ضد الحزب الشيوعي الحاكم.
وأشارت “نيويورك تايمز” إلى أنه على الرغم من أن القانون الصيني يمنح الحكومة حق حجر الأشخاص خلال حالة طوارئ تتعلق بالصحة العامة ، أشار العديد من المسؤولين المحليين إلى أن سياسة وضع المدانين المفرج عنهم في الحجر الصحي تنتهك تلك القوانين. وفي إقليم هوبي بوسط البلاد، قالت الشرطة إنه يجب الإفراج عن السجناء الذين يكملون مدة سجنهم في غضون 24 ساعة، وفقًا لموقع “شانغهاي أوبزيرفير” الإخباري التابع للدولة. ونقلت الصحيفة، وهي موقع إخباري تديره حكومة شنغهاي، عن مسؤولي الشرطة في مقاطعة سيتشوان قولهم إنه يجب الإفراج عن السجناء “وفقًا للقانون” بعد خضوعهم لحجر صحي لمدة 14 يومًا داخل السجن وفحص، يتضمن اختبار الحمض النووي لفيروس كورونا واختبارات الدم وفحص الأشعة المقطعية.
جيانغ جياوين، العامل المسرّح الذي ذكره الناشطون الصينيون، والذي دعا لمقاومة الحزب الشيوعي- أنهى حكماً لمدة سنة ونصف في مارس/ آذار بتهمة “خلق الخلافات وإحداث مشاكل”. وفي يوليو، كان في طريقه لمقابلة صديقه في محطة للسكك الحديدية في بكين عندما قام ضباط أمن الدولة بمحاصرته.
وقال جيانغ إنهم اقتادوه إلى مركز احتجاز حيث جرى استجوابه. ثم أخبروه أنه يجب أن يخضع للحجر الصحي، وأحضروه إلى غرفة في فندق في مدينة داندونغ الشمالية، على بعد أكثر من 500 ميل. وراقبه شرطيان و مسؤولان حكوميان، وقفا على بابه. وأشار جيانغ إلى أنه لم يقم أحداً بقياس درجة حرارته خلال الحجر الصحي لمدة 14 يومًا. وطلب منه المسؤولون في البداية أن يدفع 17 دولارًا في اليوم مقابل الحجر الصحي، على حد قوله، لكنه رفض. وأكد جيانغ أنهم “يريدون فقط إيجاد سبب لاحتجازنا”، متابعاً: “لقد أعطاهم الوباء سببًا وجيهًا”.
وعاد وانغ، محامي حقوق الإنسان، إلى بكين مع أسرته. ويقول إنه يتم متابعته من حين لآخر، لكنه لا يعتقد أنه يخضع للمراقبة على مدار الساعة، كما يحصل مع معظم المنشقين بعد إطلاق سراحهم من السجن. وأشار إلى الوقت الذي قضاه في الحجر الصحي بعد الإفراج عنه ، قائلاً إن ضباط الشرطة كانوا يتفقدونه عدة مرات في النهار، رغم أنه كان من المفترض أن يكون معزولاً. وتابع: “لقد كان ذلك أمرا سخيفا ،الغرض الحقيقي منه هو إسكاتي ومنعي من الاتصال بأصدقائي”.

 

المصدر: القدس العربي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى