سبّب اكتشاف الشرطة الألمانية لـ16 قنبلة حارقة معدة للتفجير داخل وبقرب محطات قطارات العاصمة برلين وضواحيها، وتبني جماعة يسارية مسؤولية وضع هذه القنابل، إثارة جدل سياسي حول عودة “الإرهاب اليساري” الذي عانت منه البلاد خلال حقبة السبعينيات.
واعتبر مراقبون سياسيون أن تولي الشرطة الجنائية الاتحادية والنيابة العامة المتخصصة في قضايا الإرهاب والتجسس، التحقيقات الهادفة للوصول إلى الجناة لا يحدث عادة إلا في حالة تعرض أمن البلاد الداخلي للخطر، ويعكس درجة الخطورة التي تشعر بها السلطات الألمانية تجاه هذه القضية.
واحتوت القنابل المكتشفة علي كميات من البنزين وصاعق كهربائي للاحتراق، وقد حرص معدوها على وضعها داخل المحطات في مكان بعيد عن التجمعات البشرية.
وتمكنت أجهزة برلين الأمنية من إبطال عمل 15 قنبلة وانفجرت أخرى محدثة بعض الدمار، وأدى اكتشاف هذه القنابل إلى إلغاء حركة نحو 400 قطار تعمل على خطوط برلين الداخلية والخطوط السريعة خلال الأيام الثلاثة الماضية، وتم إلغاء الرحلات المتجهة إلى هامبورغ والقادمة منها لبعض الوقت.
محاولات الهجمات ألغت حركة نحو 400 قطار خلال الأيام الثلاثة الماضية (الجزيرة نت)
|
جماعة البركان
وأعلنت جماعة يسارية تطلق على نفسها اسم هيكلا -نسبة إلى بركان آيسلندا الذي عطل حركة الملاحة الجوية في أوروبا أوائل العام الجاري- مسؤوليتها عن وضع القنابل.
وحددت الجماعة -في بيان نشرته على شبكة الإنترنت- أهدافها من هذا العمل، وهي “معارضة الحرب الغربية الدائرة منذ عشر سنوات في أفغانستان، والاحتجاج على ازدهار تجارة السلاح العالمية، والمطالبة بإطلاق سراح الجندي الأميركي برادلي مينينغ المسجون في الولايات المتحدة بتهمة نقل معلومات إلى موقع ويكيليكس المناهض لاحتكار المعلومات”.
وقالت كلاوديا شميدت رئيسة هيئة حماية الدستور في برلين (الاستخبارات الداخلية) إن محاولة تفجير القنابل الحارقة في محطات القطارات من صنع جماعة يسارية متطرفة ومعزولة، وتهدف لإحداث أكبر خسائر ممكنة.
وأوضحت شميدت -في تصريحات لصحيفة دير تاجسشبيغيل- أن معظم الحركات اليسارية المتطرفة في العاصمة الألمانية تبدو رافضة لعمل من هذا النوع.
وذكرت وزارة الداخلية الألمانية أنها لم تجد في محاولة تفجير القنابل في محطات العاصمة دليلا على توجه اليسار المتطرف نحو الإرهاب وارتكاب أعمال مجرمة قانونا، وأشارت الوزارة -في بيان صحفي- إلى أنها اتخذت كافة استعداداتها لمواجهة احتمال قيام التيارات اليسارية المتطرفة بأي أعمال إرهابية.
واتخذ وزير داخلية ولاية سكونيا السفلى أوفه شوينمان موقفا مخالفا لموقف الداخلية الألمانية، حيث حذر من موجة جديدة للإرهاب اليساري وتحول الجماعات اليسارية المتطرفة إلى الإرهاب.
وقال شوينمان -في مقابلة مع صحيفة نوي أوسنربروكر تسايتونغ- “إن محاولة الهجوم بالقنابل الحارقة على محطات القطارات لا تبدو مصادفة، وتتشابه في طريقة تنفيذها مع هجمات مماثلة شنتها جماعة الخلايا الثورية النشطة في سبعينيات القرن الماضي، حين بدأت بهجمات على المنشآت وانتهت بالقتل”.
عدد من العبوات الحارقة وضعت بجوار محطة برلين المركزية هاوبت بانهوف (الجزيرة نت)
|
رفض يساري
ورأى وزير المواصلات الألماني بيتر رامزاور أن محاولة تفجير القنابل في محطات برلين تمثل جريمة إرهابية ذات بعد جديد.
وفي المقابل، حذر مدير الكتلة البرلمانيةلحزب الخضر اليساري المعارض فولكر بيك من إعطاء الجناة حجما كبيرا في الجدل الدائر حول جريمة لا يوجد دليل على بعد أيديولوجي خلفها.
ورأى هانز كريستيان شترويبلة نائب رئيس كتلة الخضر في البوندستاغ أن المقارنة بين محاولات تفجير القنابل وهجمات منظمة الجيش الأحمر اليسارية -التي خاضت مواجهات دامية مع الدولة الألمانية في السبعينيات- هي في غير محلها بسبب اختلاف الظروف المجتمعية.
ورفض رئيس وزراء ولاية برلين كلاوس فوفيرايت المنتمي للحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض الحديث عن إرهاب يساري جديد.
وقال ممثل حزب اليسار المعارض في لجنة الداخلية بالبرلمان يان كورتا إن العنف مرفوض من أي جهة، ومن الخطأ المسارعة باتهام تيار ما دون أدلة.
وقد أعلنت نقابة الشرطة أنها ستزيد استعداداتها للتصدي لانتشار التيارات اليسارية المتطرفة.