تواصل الصحافة الأمريكية انتقاد واشنطن على عدم إسراعها في نشر الجزء السري من تقرير الكونغرس حول أحداث 9/11، متهمة إياها بالسعي إلى حماية السعودية، حليفها المحوري في الشرق الأوسط.
في أواخر أبريل/نيسان الماضي كشف السيناتور الأمريكي السابق، بوب غراهام، أن إدارة أوباما كانت تستعد لنشر الصفحات الـ28 الوحيدة التي لم تنشر من تقرير الكونغرس المكرس للتحقيق في قضية هجمات 9/11 والتي أخفتها الحكومة عن المجتمع وتخص، حسب افتراضات الصحفيين والسياسيين، مصادر وطرق تمويل تنظيم “القاعدة” الإرهابي من قبل سلطات دول العالم.
وفي هذا السياق، أشارت صحيفة “ناشيونال إنترست” الأمريكية، في مقال، إلى أن الحديث يدور بالدرجة الأولى عن “علاقات مالية ولوجستية محتملة بين منفذي هجمات 9/11، الذين أقاموا في الولايات المتحدة قبل الهجمات، من جهة، وأفراد من العائلة الملكية السعودية أو أعضاء حكومة البلاد”.
وكرس بوب غراهام، بصفته الرئيس السابق للجنة الاستخبارات التابعة للكونغرس الأمريكي والرئيس المشارك للجنة الكونغرس، التي قامت بدراسة معطيات التخطيط لهجمات 9/11، حياته بعد انسحابه من السياسية لدفع البيت الأبيض والاستخبارات الأمريكية لاحترام الشعب الأمريكي وتعريفه على النسخة الكاملة للتقرير النهائي، الذي شارك السيناتور السابق في كتابته.
وتلفت الصحيفة الأمريكية إلى أن غراهام كان دائما يرجح وجود بعض العناصر في الحكومة السعودية والعائلة الحاكمة للبلاد، الذين ساندوا تنظيم “القاعدة” بالتبرعات المالية على الأحسن، أو، في أسوأ الأحوال، ساعدوه مباشرة في تحضير وتنفيذ الهجمات الإرهابية الأكثر دموية في تاريخ الولايات المتحدة.
وتعليقا على دور السعودية في أحداث 9/11، قال غراهام في 24 أبريل/نيسان: “برأيي، ليس من الممكن الاعتقاد بأن الأشخاص، الذين لم يتكلموا الإنجليزية ولم يزوروا أبدا الولايات المتحدة قبل ذلك ولم يتلقوا تعليما جيدا كانوا قادرين على القيام بذلك (تنفيذ الهجمات)… ومن هو الكائن الذي قدم على الأرجح لهم هذا الدعم؟ أعتقد أن جميع الدلائل تشير إلى المملكة العربية السعودية، ونحن نعرف أن السعودية أطلقت القاعدة”.
وتكتنف هالة من الغموض الصفحات الـ28، ويدفع إخفاؤها في خزانة ضخمة داخل مبنى الكابيتول الأمريكي على مدى الأعوام الـ14 الماضية إلى الاشتباه بإدارتي كل من جورج بوش وباراك أوباما في سعيهما إلى حماية حليفهما الأساسي في الشرق الأوسط من الإحراج العام والإدانة العالمية.
“لماذا، يقول المنطق، تواصل حكومة الولايات المتحدة تصنيف الصفحات الـ28 هذه بالسرية إذا لم يكن ما يجدر إخفاؤه لدى السعودية؟” – تتساءل الصحيفة الأمريكية.
وقد سوغت كلا الإدارتين قرارهما بضرورة حماية المصادر وأساليب التحقيق، “الجواب النموذجي والافتراضي، الذي تعتمده دائما الحكومة في حال عدم وجود توضيح أفضل لإخفاء شيء عن متناول الناس”، حسبما تؤكد “ناشيونال إنترست”.
لكن في الآونة الأخيرة لجأ المسؤولون الأمريكيون إلى استخدام حجج أخرى مفادها الأساسي أن الوثيقة السرية لا تشمل معلومات لا يعرفها الآن مواطنو الولايات المتحدة، وأن هذه الصفحات تتكون فقط من ملاحظات مكتب التحقيقات الأمريكي حول الاشتباهات غير المؤكدة.
وتشير الصحيفة إلى أن مثل هذه التوضيحات غير كافية على الإطلاق للمماطلة في كشف النقاب عن هذه الوثيقة السرية، مشددة في الوقت ذاته على أن الجانب السعودي نفسه لا يعارض، علنا على الأقل، نشر الوثيقة السرية، حيث صرح وزير الخارجية السعودي بأن حكومة بلاده لا شيء لديها تخفيه.
وتدعو “ناشيونال إنترست”، في ختام مقالها، الحكومة الأمريكية إلى نشر الصفحات السرية، قائلة إن “المواطنين الأمريكيين يستحقون قراءتها بأنفسهم”.
المصدر: ناشيونال إنترست